وقائع القضية تخلص في أنه بتاريخ 1/12/1993 أبرم طرفا التحكيم عقداً عنون بأنه اتفاق نقل بحري لنقل معدات ونقليات للقوات المسلحة اسندت فيه هيئة امداد وتموين القوات المسلحة ( إدارة النقل ) محتكم ضدها إلى شركة. الملاحة البحرية وهى الشركة المحتكمة نقل معدات عكسرية من ميناء على البحر المتوسط إلى ميناء نورفوسك ثم إعادتها مرة أخرى على وحدات . وينص البند (6) تحت عنوان أسلوب المحاسبة أن الطرفين اتفقا على أن تكون قيمة النولون البحري 23.2 دولار أمريكي للمتر المكعب يسدد بالعملة المحلية ( طبقاً لسعر الصرف المعلن ) وعلى اساس شرط فيوس بمعنى ألا تتحمل الشركة أية مصاريف للشحن أو التفريغ في أى من الميناءين ميناء القيام وميناء الوصول. ونص القعد على قيمة النولون البحري للمتر المكعب في مرحلة الذهاب ومثيلته في مرحلة العودة، وينص البند (8) على أن “سعة العبارة … أو إحدى أخواتها بالنسبة للبضائع المدحرجة 1050 متر طولي (1م× 2.5 م) وأقل حمولة يمكن أن تبحر بها العبارة لا يقلف عن 75% من السعة المذكورة وفي حالة تقديم بضائع أقل من 75% يتم المحاسبة على نولون 75% من سعة العبارة.
وإذا ثار خلاف بين الشركة المحتكمة ووزارة الدفاع (إدارة النقل) المحتكم ضدها حول تفسير البندين المشار إليهما وبالتالي حول تحديد مستحقات المحتكمة فقد وقع الطرفان مشارطة تحكيم بتاريخ 31/10/1999 تحددت فيها طلبات طرفي التحكيم على النحو الأتي:
أولاً : طلبات الشركة المحتكمة :
- الحكم بإلزام المحتكم ضدها (وزارة الدفاع – إدارة النقل) بسداد مستحقات المحتكمة عن فروق النوالين المستحقه لها وهي مبلغ 14503977 عن فترة تنفيذ العقد في المدة من 1/12/1993 إلى 30/9/1998 وكذا ما يستحق لها في نهاية العقد في 30/6/1999 طبقاً لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات.
- رفض جميع طلبات وزارة الدفاع – إدارة النقل المحتكم ضدها.
- إلزام المحتكم ضدها بمصاريف التحكيم.
ثانياً : طلبات المحتكم ضدها :
- رفض طلبات الشركة المحتكمة.
- أعمال نية التعاقد بشأن تنفيذ العقد بالنسبة للبندين 8 و 61.
- مطالبة المحتكمة بدفع مبلغ مساو لما تطالب به كتعويض أدبي للقوات المسلحة المحتكم ضدها نتيجة ما لحق بها من اساءة لسمعتها وأطهارها بالشكل الذي لا يفي بالتزاماتها التعاقدية أمام الشركات الأخرى نتيجة ما تدعيه الشركة على خلاف الحقيقة.
- إلزام المحتكمة بمصاريف التحكيم.
طلبت هيئة التحكيم من المحتكمة ايداع العقد المبرم بين الطرفين بالإضافة إلى أية اعتراضات تكون المحتكمة قد بعثت بها إلى المحتكم ضدها تطلب فيها سداد النولون الخاص برحلة العودة على أساس مثلى النولون الخاص برحلة الذهاب، وكذلك أيه إخطارات تكون قد بعثت بها إلى المحتكم ضدها برحلات السفينة التي أبحرت فيها دون أن يتحقق شرط الـ 75% من حمولة السفينة. وطلبت من المحتكم ضدها العقد الموقع من الطرفين ومستندات الدعوى أو العطاءات التي قدمت من المحتكمة والشركات ومحاضر لجنة الممارسة وأية محاضر للمقارنة تكون قد تمت قبل التعاقد.
أودعت المحتكمة مذكرة أوضحت فيها أنه بالنسبة لأحقيتها فر فروق النوالين عن الرحلات من المواني الروسية إلى الإفريقية على أساس مضاعف وفقاً لما تم الاتفاق عليه بالبند السادس من العقد المؤرخ 1/12/1991 أنه من المعلوم أنه حين يتم التعاقد مع إحدى الشركات الملاحية على نقل مثل هذه النوعية من المعدات لابد أن يسبق ذلك دراسات تتعلق بمدة الرحلة وتكلفة السفينة ونوعية الشحنة التي سيتم نقلها عليها، وعلى أساس تلك الدراسات يتحدد قيمة النولون وينص عليه صراحة ضمن بنود التعاقد، وعلى هذا الأساس اتفق في العقد على أن يكون النولون مضاعفاً في رحلات العودة. ولا يجوز للمحتكم ضدها التنصل من ذلك بمقولة أن كلمة “مثلية” الواردة في البند السادس من العقد وردت على سبيل الخطأ المطبعي وإلا ما كان قد ورد في بند مستقل بالعقد وكان النص عليه لغوا لا مبرر له.
وقد حققت سفينتان خسارة مقدارها 1838 جنيهاً للسفينة الأولى و 53175 جنيهاً للسفينة الثانية إذ تجاوزت المصروفات قيمة النولون وفقاً لما سددته الجهة المحتكم ضدها أي بدون حساب نسبة الـ 75% من السعة الاستيعابية للعبارة طبقاً للبند الثامن وكذلك بدون مضاعفة النولون في رحلة العودة طبقاً للبند السادس، وهو ما تحقق بالنسبة لباقي الرحلات، وما كان للشركة أن تتعاقد على نقل هذه المعدات العسكرية إلا وفقاً للشروط الواردة بالبندين السادس والثامن من العقد تجنباً للخسارة. وأضافت للشركة المحتكمة أن الثابت من المستندات أن جميع الشحنات التي قامت بنقلها وفقاً لأحكام العقد هي شحنات خطرة وأثناء الدراسات السابقة على التعاقد كان ملحوظاً ذلك للطرفين ومن ثم اتفق على مضاعفة النولون.
وأشارت المحتكمة إلى اببند الثامن من العقد الذي جاءت عبارته واضحة، وأنها قدمت بياناً يوضح الأحجام الفعلية للشحنات التي تمت على سفن المحتكمة في رحلات الذهاب والعودة والتي تثبت عدم التزام المحتكم ضدها بهذا البند مما سبب خسارة فادحة للشركة. وأنه لا صحة لما تقول به المحتكم ضدها من أنه يجب المحاسبة على أساس المتر المسطح وليس المتر المكعب خلافاً لما نص عليه في العقد. فالشحنات التي تم نقلها على سفن المحتكمة ووفقاً لنص البند الثامن من العقد هي شحنات تتضمن صناديق وبراميل ومعدات مختلفة لا يمكن حساب نولونها بالمتر الطولي وإنما يتم حسابها بالمتر المكعب طبقاً للبند 6 من العقد. واستطردت المحتكمة أنها دأبت على المطالبة بمستحقاتها وقدمت بياناً بالسعة الاستيعابية للسفن التي تم الشحن عليها مرفقاً بها شهادات رسمية من هيئات الاشراف المتخصصة إلا أن المحتكم ضدها رفضت مطالب الشركة المحتكمة رغم م تعانيه من نص في السيولة. وانتهت المحتكمة إلى طلب:
أولاً : إلزام المحتكم ضدها بسداد باقي مستحقات المحتكمة تنفيذاً للعقد ومقدارها 14112191 جنيهاً على النحو التالي :
(أ ) مبلغ 534789 جنيها نتيج عن عدم احتساب المحتكم ضدها للنولون مضاعفاً في رحلات العودة.
(ب) مبلغ 8717402 جنيهاً نتج عن عدم حساب المحتكمة ضدها للنولون عن الرحلة على أساس 75% مما تستوعبه السفينة وهذا المبلغ عن المدة من تاريخ بداية التعاقد في 1/12/1993 وحتى 30/6/1998.
ثانياً : ما يستحق لها أيضاً من مبالغ اعتبارا ًمن 1/7/1988 وحتى نهاية التعاقد في 30/6/1999 وإلزام المحتكم ضدها في كافة الأحوال بالفوائد القانونية عن تلك المبالغ منذ بداية التعاقد في 1/12/1993 وحتى السداد.
ثالثاً : رفض جميع طلبات المحتكم ضدها.
رابعاً : إلزام المحتكم ضدها بمصاريف التحكيم.
وأجاب المحتكم ضدها على النحو التالي :
أولاً : بالنسبة لطلب المحتكمة الحك ملها بمبلغ 5394789 جنيه قيمة فروق مالية إعمالاً للبند رقم 6 ب من العقد تقول المحتكم ضدها أن المحتكمة تقدمت بعروض أسعار على أساس قيمة النولون البحري 26 دولار للمتر المكعب بنظام شحن فيوس ولم تذكر الشركة سعراً آخر مما يعني أنه سعر موحد لمرحلتي الذهاب والعودة. ونظراً لأن السعر الذي عرضته الشركة كان مغالى فيه فقد عادت الشركة وقدمت عرضاً أقل محددة قيمة النولون بمبلغ 23.2 دولار للمتر المكعب ودون تحديد سعر آخر بشأن رحلة العودة، كما قدمت شركة الاتحاد العري للنقل البحري أسعارها دون مغايرة بين سعر الذهاب وسعر العودة وفي غضون شهر نوفمبر سنة 1993 عقدت لجنة الممارسة العامة رقم 8 لسنة 1993/1994، وانتهت إلى قبول العرض المقدم من الشركة الافريقية للملاحة البحرية على أساس قيمة النولون البحري 23.2 دولار أمريكي للمتر المكعب ولم يرد بإجراءات اللجنة التي تم اخطار الشركة بها أي سعر أخر مما يؤكد عدم صحة ما تدعية الشركة من أن السعر المشار إليه هو لرحلة الذهاب مع مضاعفة قيمة النولون لرحلة العودة. وفور ابلاغ الشركة نتيجة لجنة الممارسة وإرساء العطاء عليها طبقاً لعرض الأسعار طبقاً لعرض الأسعار الأخير المقدم منها قدمت مشروع العقد إلى إدارة النقل لمراجعته وإقراره ولم يرد بمشروع العقد لفظ “مثليه” الواردة في البند 6/ب من العقد وإنما كان الوارد لفظ”مثيلة” وبتاريخ 1/12/1993 وقع العقد وورد في البند رقم 6/ب خطأ مطبعي، فبدلاً من أن يكتب لفظ “مثيلة” الوارد بمشروع العقد كتب لفظ “مثلية” والقول بأن نية الطرفين اتجهت إلى مضاعفة نولون العودة يجعل قيمة العقد مغالى فيها بالمقارنة بالعروض الأخرى فضلاً على أن هذه النية لم تظهر في أي مرحلة من مراحل التعاقد. وقد بادرت الجهة الإدارية المحتكم ضدها فور اكتشاف هذا الخطأ إلى ارسال فاكس للشركة المحتكمة لتصحيحه ومنذ الرحلة الأولى تقدمت المحتكمة بفواتير وبوالص شحن لهاتين الرحلتين على أساس قيمة النولون البحري 23.2 دولار أمريكي للمتر المكعب سواء بالنسبة لرحلة الذهاب أو رحلة العودة. وقد استمرت محاسبة الشركة على النحو الثابت بالمستندات إلى أن تقدمت الشركة المحتكمة بتاريخ 20/9/1998 طالبة حساب نولون العودة على أساس مثلي نولون الذهاب وكتبت المحتكم ضدها إلى المحتكمة رسالة تقول فيها أن النولون الذي تحدد بالعقد وهو 23.2 دولار للمتر المكعب مناسب جداً للنقل البحري سواء في رحلة الذهاب أو العودة لأن نوعية البضاعة واحدة ي الحالتين.
ثانياً : بالنسبة لما تدعيه المحتكمة من حقها في مبلغ 8717402 جنيه بمقولة أنه يستحق لها نتيجة أن الكميات الت يتم نقلها في كل مرحلة يقل حجمها عن 75% من سعة العبارة من سعة العبارة طبقاً للبند رقم 8، تقول الجهة الإدارية المحتكم ضدها أن هذا البند إنما وضع لتحديد سعة العبارة، التي حددها البند هو 1050 متر طولي (1م × 2.5م) ولم يرد هذا البند تحت عنوان أسلوب المحاسبة واستطردت الجهة الإدارية المحتكم ضدها قائلة أنه بناءً على طلب المحتكمة تم تعيين خبراء متخصصين لحساب إجمالي المسحوبات من أجل حساب نسبة امتلاء العبارة بالمشحونات في وجود مندوب من المحتكمة والقوات المسلحة وتم تطبيق ذلك بالنسبة لرحلة السفينة … على سبيل المثال. ويتضح من المستند (19) أن أعمال مسحوبات القوات المسلحة في هذه الرحلة بلغ 1740 متر طولي تقريباً أي من سعة العبارة المحددة في البند 8 من العقد بـ 1050 متر طولي وذلك نتيجة أن حساب سعة العبارة في العقد تم دون ادخال سعة سطح العبارة ضمن إجمالي السعة إذ انه في الغالب لا يتم شحن المعدات العسكرية على سطح العبارات هذا إلى أنه لو اضيفت المسافات التي يتعين تركها بين المعدات لوصل ما شغلته القوات المسلحة إلى 1976 متر طولي. كذلك فقد جاء بتقرير الخبراء البحريين أنه تم شحن 698 قطعة بابعاد مختلفة تم حسابها بالمتر المكعب وعدم حسابها بالمتر الطولي بلغت 585.7 متر مكعب الأمر الذي يؤكد أن العبارة كانت ممتلئة بنسبة أكبر من 100% من سعتها. ولم يحدث أن اعترضت الشركة على طريقة المحاسبة أو أن العبارات كانت ممتلئة إلا في رحلة واحدة كانت نسبة الامتلاء فيها أقل من 75% من سعة العبارة وهي رحلة عودة من ميناء نورفوسيسك، وتم الاتفاق على تحديد قيمة النولون في هذه الرحلة بقيمة 35 دولار للمتر المكعب وذلك تنفيذاً لشرط الـ 75% طبقاً لرأي المحتكمة.
وأضافت المحتكم ضدها أن المحتكمة وقعت عقداً آخر مع القوات المسلحة بتاريخ 21/8/1999 نص في البند 4/2 تجهيز حجم شحنات لكل رحلة لا يقل عن 350 متر مكعب وفي حالة عدم تجهيز حجم شحنات لكل رحلة لا يقل عن 350 متر مكعب وفي حالة عدم تجهيز وشحن هذا الحجم يلتزم بسداد كامل النولون على أساس 3500 متر مكعب كحد أدنى. ثم أشارت الجهة المحتكم ضدها لنص المادة 544/1 من قانون التجارة البحري وأنه باعمال النص المشار إليه فإن مطالب الشركة المحتكمة بمبلغ 5394789 جنيه قيمة فروق عدم احتساب أسعار فإن المبلغ المستحق عن جميع الرحلات عدا رحلتين تقريباً تكون الدعوى بشأنها قد انقضت بمضي سنتين من تاريخ التسليم. وقدمت المحتكم ضدها مسودة لمشروع عقد الاتفاق المبرم بين المحتكمة ووزارة الدفاع والتي تقول الوزارة أنه معد بواسطة المحتكمة وأرسل إلى وزارة الدفاع والواضح منه أن نولون العودة هو نفس نولون الهاب إذ تنص المادة 6 فقرة ب من مشروع التعاقد أنه من المفهوم أن النولون البحري للمتر المكعب في رحلة الذهاب ومثيله في رحلة العودة وكلفت هيئة التحكيم المحتكمة الافادة عما إذا كان مشروع الاتفاق هي التي أعدته على النحو الذي اوضحته وزارة الدفاع([1]).
وفي مذكرتها أشارت المحتمة إلى أن العقد المبرم بين الطرفين وإن كان عنوانه أنه عقد اتفاق نقل بحري لنقل معدات ونقليات للقوات المسلحة إلا أنه في حقيقته وفحواه وفقاً لحكم الفقرة 1 من بند رقم 3 ونص البند الثاني ونص البند الخامس هو أنه عقد ايجار سفينة لمدة زمنية يتم خلالها النقل في رحلات يتم الاتفاق عليها ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في تكييف عقد تأجير سفينة بأنه مشارطة لزمن موقوت، وهو ما يتفق ونص المادة 152 من قانون التجارة البحري التي عرفت عقد إيجار السفينة بأنه عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يضع تحت تصرف المستأجر سفينة معينة أو جزءاً فيها مقابل أجرة وذلك لمدة محدودة أو القيام برحلة أو رحلات معينة.
واستطردت المحكمة قائلة أنه يبين من نص الفقرتين 1، 2 لنص المادة 148 فقرة أ من القانون المدني أنه يجب تنفيذ العقد وفقاً لما اشتمل عليه وبطريقه تتفق مع ما يوجبه حسن النية كما أن المادة 150 من ذات القانون تنص على أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغى أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات. ولا يجدي المحتكم ضدها ما أشارت إليه من مسودة العقد، لأنه لو افترض جدلاً انه نسخ على مطبوعات الشركة فلم يوقع من ممثلها القانوني أو أي من العاملين بها، وأنه منذ بداية تنفيذ العقد في أول رحلة على السفينة… بتاريخ 27/12/1993 وحتى آخر رحلة على السفينة… بتاريخ 27/6/1998 فقد صدرت جميع الفواتير موضح عليها عبارة ما عدا السهو والخطأ أما بالنسبة لمحضر لجنة الممارسة فان اللجنة لم يرد بمحضرها كلمة العودة من ميناء نوفوسيسك.
وأشارت المحتكمة إلى أن أسباب مضاعفة قيمة النوالين في رحلات العودة والتي كانت محل اعتبار أثاؤ المشاورات السابقة على توقيع العقد وإلى موافقة الطرفين على البند السادس منه والخاص بأسلوب المحاسبة هو اختلاف طبيعة ونوعية المعدات العسكرية في رحلة الذهاب عنها في رحلة العودة، وقد ترتب على ذلك أن أحدى العبارات احتجزت بمضيق البسفور في 26/8/1997 بعد تفتيش السلطات التركية لها الأمر الذي اقتضى تدخل السفارة ومستشار السفارة والملحق الحربي، كذلك فإن أسعار النوالين تخضع في كل وقت لظروف السوق الملاحي وعوامل العرض والطلب، ونظراً لأن نقل البضائع من أفريقيا إلى مواني البحر الأسود أقل بكثير من البضائع الواردة من البحر الأسود، فإن قيمة النولون من البحر الأسود يكون أكبر وأضافت المحتكمة أنه لا حجة بالنسبة لمراسلات الشركة المصرية لأعمال النقل البحري (مار ترانس) لأنها دائماً كانت متحيزة للمحتكم ضدها، كذلك فانه لا حجة فيما ورد في العقد المؤرخ 21/8/1999 لأن كل عقد يخضع لظروف السوق الملاحي.
أما بشأن أحقية المحتكمة في المبالغ المطالب بها نتيجة حساب كميات تم نقلها يقل حجمها عن 75% من سعة العبارة طبقاً للبند الثامن من العقد تقول المحتكمة أن عدم ورود هذا البند تحت أسلوب المحاسبة بالبند السادس لا يغير بأي حال من الأحوال من وضوح النص في حالة عدم تقديم بضائع أقل من 75% من سعر العبارة يتم المحاسبة على 75% من السعة الاستيعابية وعدم تحديد سعر نولون في حالة شحن بضائع متدحرجة بالمتر الطولي لا يحول دون احتساب نولون هذه النوعية من البضائع بالمتر المكعب بعد احتساب حجمها (الطول × العرض × الارتفاع) ثم أوضحت المحتكمة أن القوات المسلحة اخطأت حين حددت إجمالي المشحونات للقوات المسلحة بـ 1740 متر طولي أكثر من سعة العبارة المحددة في البند الخامس من العقد بـ 1050 متر طولي لأن البضائع المشحونة على هذه الرحلة وطبقاً لتقرير الخبراء الملاحيين كانت عبارة عن صناديق ومعدات غير معبأة ومنصات صواريخ ليست بضاعة متدحرجة كما اشارت إلى رحلات متعددة لسفنها وما تم شحنه عليها بالمتر المكعب في تواريخ معينة، ولم تقم القوات المسلحة باحتساب نولونها على 35 دولار للمتر المكعب حيث أن جميع الرحلات كانت أقل من 75% من الطاقة الاستيعابية. وعن الدفع الذي ابدته المحتكم ضدها بانقضاء الدعوى أوضحت المحتكمة أنه غير سديد إذ أنه يبين من نص المادة 171 من قانون التجارة البحري التي حددت مدة انقضاء الدعاوي الناشئة عن حق ايجار سفينة مجهزة في حالة التأجير بالمدة تسقط بمضي سنتين من تاريخ انقضاء مدة العقد أو من تاريخ انتهاء الرحلة الأخيرة إذا امتدت وفقاً للفقرة 2 من المادة 8 من ذات القانون، وإذ استمر العقد لنهاية المدة المحددة بالفقرة الأولى من البند الخامس، وإذ كان الثابت أن التحكيم الماثل قد رفع بمشارطة تحكيم مقدمة بتاريخ 31/10/1999 فقد تم رفعه وفقاً لأحكام العقد مستوفياَ شروطه المنصوص عليها في البند الحادي عشر وانتهت المحتكمة إلى طلباتها السابق بيانها.
وقدمت المحتكم ضدها مذكرتين رددت فيهما ما جاء بمذكرتها الأولى، وأضافت أن العقد ليس مشارطة ايجار سفينة وإنما هو عقد نقل بحري، وذلك بعد أن استعرضت اراء الفقه بين عقد النقل البحري والصور المختلفة لعقد ايجار السفينة وبعد أن استعرضت أحكام العقد التي تكشف أنه عقد نقل بحري ولا يتوافر فيه خصائص ايجار السفينة وفق ما ذهب إليه الشراح. وبعد أن استعرضت المحتكم ضدها تواريخ الرحلات انتهت إلى أن جميع مطالبات المحتكمة قد انقضت بمضي المدة القانونية.
وقدمت المحتكمة مذكرة اشارت فيها إلى أنه وفقاً لنص المادة 150/1 من القانون المدني فأنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين كما نصت المادة 147/1 من القانون المدني على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون وهذا النص كما يقول الأستاذ الدكتور السنهوري ليس إلا تقنيناً لقضاء محكمة النقض المصرية وبعد أن استعرضت الشركة أحكام محكمة النقض في هذا الخصوص والتي تقوم على أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها إذ يجب اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادتهما المشتركة وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقاً لاستقرار المعاملات، وأن تفسير العقود واستظهار نية طرفيها أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة وطالما لم تخرج في تفسيرها للعقد واستظهار نية المتعاقدين عن المعنى الظاهر لعباراته، وأنه في تفسير العقد يجب اعمال الظاهر به، وأن ما تقدم يؤكد عدم صحة ما ذهبت إليه المحتكم ضدها في خصوص عدم مضاعفة قيمة نولون رحلة العودة خاصة مع اختلاف طبيعة ونوعية المعدات العسكرية في رحلة الذهاب عنها في رحلة العودة ففي رحلة الذهاب تكون أخف وزناً وأقل أو معدومة الخطورة بينما تكون في رحلة العودة أثقل وزناً وبالغة الخطورة، ولا وجه لما ذهبت إليه المحتكم ضدها من أن العروض التي قدمت قبل التعاقد كانت تساوي في النولون بين قيمة رحلتي الذهاب والعودة ذلك أن تلك العروض قدمت بطبيعة الحال قبل الكشف عن تفاصيل غاية في السرية لتعلقها بالأمن القومي للبلاد وعندما رست العملية على المحتكمة كان لابد للمحتكم ضدها أن تحيطها علماً ببعض التفاصيل، فكان أن طلبت المحتكمة النص على الفقرة المتنازع عليها وهو ما وافقت عليه المحتكم ضدها بطبيعة الحال وإلا ما كانت هناك حاجة للنص على رحلة العودة، ولا وجه للتحدي أيضاً بعقد جديد أبرمته المحتكمة مع المحتكم ضدها نص فيه على المساواة في سعر النولون في رحلتي الذهاب والعودة، إذ لكل عقد طبيعته وظروفه، ولا محل أيضاً للقول بأن ثمة عروض أخرى كانت تساوي بين النولون في رحلتي الذهاب والعودة إذ أن المحتكمة لا تسأل إلا عن عقدها مع المحتكم ضدها، فضلاً عن أن المؤكد أن تلك العروض قدمت قبل أن يحاط أصحابها علماً من المحتكم ضدها بخطورة المهمة موضوع العقد، بالإضافة إلى أن المحتكمة لا تلتزم عن مرحلة الممارسات والمفاوضات لأنها لا تعتبر جزءاً من العقد، أما شركة مارترانس فليس لها أية سلطة قانوناً في تفسير العقود التي تتولى الإشراف عليها إذ أن دورها في مثل هذه العقود لا يعدو كونها مجرد سمسار كل اهتماماته هو الحصول على عمولة.
وأضافت المحتكمة أن المؤكد أيضاً أن نص البند 8 من عقد النزاع ينفي ما زعمته المحتكم ضدها من أن حسابها للنولون بالنسبة لسعة السفينة هو بحد أدنى 75% من المتر الطولي دون المتر المكعب حيث ورد بين القوسين بنص البند المذكور من عملية ضرب يؤكد نية المتعاقدين في حساب سعة السفينة بالمتر الطولي مضروباً في الارتفاع وهو ما أكدته مذكرة هيئة قضايا الدولة في مذكراتها التي قدمتها بجلسة 14/2/2000 في مذكرة دفاع المحتكم ضدها ضمنتها قبل نهاية الفقرة الأخيرة من الصفحة رقم 8 في حساب إحدى الرحلات موضوع النزاع كان بالمتر المكعب فقالت تأكيداً لهذا المعنى بالنص “يراجع حافظة مستندات الدولة” ومما يؤكد ذلك أيضاً أنه قد سبق للمحتكمة أن قدمت شهادة من هيئة اللويدز البحرية العالمية تعتبر أن سعة السفينة هي بالمتر المكعب، وهو ما يؤكده أيضاً شهادة من شركة ترسانة الإسكندرية والتي قامت ببناء السفن المستخدمة في الرحلات إذ كما هو ثابت من الشهادة التي قدمتها أن سعة السفينة هي بالمتر المكعب وتحديد 11272 متراً مكعباً. وتقول المحتكمة أنه لا محل للتحدي بما ذهبت إليه المحتكم ضدها من أن الفواتير التي صدرت من المحتكمة في فروق مالية، إذ الثابت أن جميع تلك افواتير صدرت من المحتكمة مذيلة بعبارة ماعدا السهو والخطأ، وتقول محكمة النقض في هذتا الشأن أنه إذا كانت الورقة متصلة بكشف حساب وكانت نهايته قيمة معلقة على خلو الكشف من السهو والخطأ فأنها لا تكون نهائية.
وأضافت المحتكمة أن دعواها لم تنقض بالتقادم، لأن قول المحتكم ضدها يخلط بين عقد تأجير السفينة بالرحلة وعقد النقل. وبعد أن استعرضت المحتكمة أحكام المادتين 152، 196 من القانون البحري أشارت إلى أن الايجار بالمدة يتميز بأن المؤجر يسلم السفينة وإدارتها التجارية إلى المستأجر لينقل فيها البضاعة حسب ظروفه كما ينقل إليه السلطة على الطاقم، أما المشارطة بالرحلة ففيها لا يسلم السفينة إلى (المؤجر)([2]) بل يحتفظ بها وبإدارتها الملاحية وإدارتها التجارية وتظل السفينة تحت سيطرة المؤجر لينقل بها البضاعة تنفيذاً لعقد الاجارة. وهذا الايجار بالرحلة قد يكون موضوعه رحلة أو عدة رحلات على نحو ما تقضي به المادة 179 من قانون التجارة البحري وكذلك المادة 181 من ذلك القانون، وانتهت المحتكمة إلى القول بأن العقد يتضمن نصاً يحاكي المادة 174 الخاص بإيجار السفينة بالمدة، وكذلك نصوص المواد 181، 182، 183 من القانون حددتها المحتكة في البند 3 والبند4 – جـ كذلك نص البند 10 الخاص بالشروط الجزائية، فهذه النصوص جميعاً كما تقول المحتكمة أن العقد هو عقد مشارطة ايجار سفينة بالرحلة وتنص المادة 171 على أنمه تنقضي الدعاوي الناشئة عن عقد ايجار السفينة مجهزة بمضي سنتين ويبدأ سريان هذه المدة في حالة التأجير بالرحلة من تاريخ انتهاء كل رحلة أو من تاريخ العلم بوقوع الحادث، وهو ما يؤكد أن هذا النص لا يطبق لأنه مقصور على الدعاوي من الجانبين الخاصة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن حوادث تصيب السفينة أو البضاعة المنقولة أثناء الرحلة ولكنه لا يتعرض للدعاوي الخاصة بالأجرة وحسابات الأجرة (النولون). وحتى لو كان النص خاصا بدعاوي الأجرة وحساباتها فهو لا ينطبق في خصوص الدعوى الماثلة، لأن التقادم لا يسرى من تاريخ كل رحلة بل من تاريخ نهاية رحلات العقد وامتداداته وكررت طلباتها كما تقدم. وذكرت أنه إذا اتفق الدائن والمدين على اعتبار سلسلة من الصفقات مرتبطة بعضها ببعض كما يقول الدكتور السنهوري كأنها صفقة واحدة لا تتجزأ فلا يسرى التقادم إلا بعد أ تتم حلقات هذه السلسلة والثابت أن عقد المشارطة موضوع النزاع الماثل وان تضمن عدد الرحلات فأنه لم يكن في ذهن طرفيه أنه ينقضي بانتهاء كل رحلة على حده. وانتهت المحتكمة إلى طلب الزام المحتكم ضدها بسداد باقي مستحقات المحتكمة تنفيذاً للعقد المؤرخ 1/12/1993 وهي مبلغ 18516035.35 جنيهاً.
وقدمت المحتكم ضدها مذكرتين رددت فيهما ما جاء بمذكراتها السابقة وأضافت رداً على ما جاء بمذكرة المحتكمة الأخيرة بالنسبة لبدء مدة التقادم. ثم تعرضت لما تطالب به المحتكمة من قيمة نوالين لم يتم سدادها لعدد 4 سفن وأوضحت أن الأصل أن نطاق التحكيم يتحدد بمشارطة التحكيم التي تبدأ بها الخصومة وبالنظر على عناصر الدعوى التي تضمنتها تلك المشارطة وتدور الخصومة حول هذه العناصر دون غيرها فلا يجوز بعد بدء الخصومة بناءً على مشارطة التحكيم تغيير أي من هذه العناصر أو اضافة عناصر جديدة بحيث يصير الأمر متعلقاً بدعوى جديدة غير الدعوى التي انعقد بها التحكيم ويتضح ذلك من خلال نص المادة 53/1 الفقرة (و) من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 والتي تقضي بأنه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية … (و) إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاص بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها. وانتهت المحتكم ضدها إلى طلباتها المبينة فيما سبق.
1- يبدو أن هيئة التحكيم تريد بالاستفسار عما إذا كانت المحتكمة هي التي وضعت الصيغة ان تطبق عليها مسئولية تحمل الالتباس بين المثل والمثلين وأن سعيها الى نقض ما تم من جهتها مردود عليها كما هو مقرر في علم اصول الفقه، أو على أساس مبدأ Contra Proferntum المعمول في القانون الانجليزي بتفسير النص ضد مصلحة واضعه.
1 – كذا في الأصل، ويبدو من السياق أن صحتها “المستأجر”. (المؤلف).