هل لديك سؤال؟
تم إرسال الرسالة. غلق

تفسير اتفاقية حوافز استثمار دُولية عربية

المُحكَمون: ثلاثة: المرجح مصري والمُحكَمان من ليبيا وسوريا.

الأطراف: المحتكمة شركة أفريقية للاستثمارات الخارجية.

المحتكم ضدها: وزيرا المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية بجمهورية أسيوية.

المسائل المثارة: مدى تمتع شركة مشتركة بالإعفاءات من الرسوم الجمركية ورسوم الطابع  (الدمغة).

مكان التحكيم: مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدُولي.

القانون الإجرائي: قواعد الإنسترال للتحكيم.

القانون الموضوعي: اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها (1970)- بعض القوانين والقرارات في الدول الأطراف.

لغة التحكيم: اللغة العربية.


المبادىء القانونية

1-  حيث أن المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة تنص في فقرتها الثانية على أن “تضع لجنة التحكيم قواعد الإجراءات الخاصة بها دون التقيد بقانون الأصول في أي من الدولتين”

وحيث أن موافقة كل من الدولتين طرفي الاتفاقية عليها وعلى نظامها الأساسي ينطوي على موافقة شاملة لكل مواردهما وشروطهما بما في ذلك الباب السابع من النظام الأساسي للشركة المشتركة والذي يتعلق بالمنازعات والذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاتفاقية وفقًا للمادة (6) منها ولا يتطلب القانون موافقة خطية إضافية منهما للموافقة على سريان قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي إذا قررت هيئة التحكيم بالإجماع تطبيقها بجلسة 15 يناير سنة 1998 دون تعديل أو اجتزاء بعضها للتطبيق دون البعض الآخر وذلك في البند الأول من قراراتها والتي أُبلغت للطرفين.

وحيث أن وضع مشارطة أو صك تحكيم بعد قيام النزاع قد يتطلب في بعض الأنظمة أن يحدد في المشارطة موضوع النزاع، ولا ينطبق بداهةً هذا الحكم في الأنظمة المذكورة إذا تضمن الاتفاق بين الطرفين “شرط تحكيم” كما هو الحال في الدعوى الماثلة لتطبيقه على “أي خلاف” يقوم بين الطرفين إذ يفترض في هذه الحالة عدم معرفة نوعيات الخلاف والمنازعات وقت إبرام اتفاق التحكيم.

2-  وحيث أنه لا محل في هذه الحالة لبحث حكم المادة (510) من قانون أصول المحاكمات الآسيوي إذ حررت المادة (52) في فقرتها الثالثة “لجنة التحكيم” من التقيد بقانون الأصول في أي من الدولتين، فضلًا عن أن حكم المادة (510)المشار إليها يطبق على نحو ما سبقت الإشارة إليه على مشارطة التحكيم دون الحالات التي يدرج فيها اتفاق الطرفين “شرط التحكيم على نحو ما هو ثابت في الدعوى الماثلة.

صدر قرار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية رقم465 بتاريخ 29 أغسطس 1970 في الدورة الخامسة عشرة بالموافقة على اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية وذلك بين إحدى عشرة دولة عربية منها الدولتان المعنيتان بهذه القضية وقد صدقتا عليها ودخلت حيز التنفيذ في حقهما وفقا للمادة 12 منها بمجرد أن صدقت عليها ثلاث من الدول الإحدى عشر الموقعة. وتنص الاتفاقية في المواد 2و4 على تطبيق شرط الدولة الأولى بالرعاية، وهو شرط يقتضي المساواة بين حقوق وامتيازات الاستثمارات التي تمنحها الدولة الطرف في الاتفاقية التي تضمن هذا الشرط لدولة أو لطرف آخر وبين الاستثمار الذي يدّعي حرمانه من تلك الحقوق والالتزامات. ومن أبرز الشروط التي ينبغي توافرها لانطباق شرط الدولة الأولى بالرعاية أن يكون هناك أيضاً تماثل بين نوعية الاستثمار الذي يدّعي حرمانه من الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها استثمار آخر في الدولة المضيفة وبين نوعية هذا الاستثمار الأخير. ذلك أن لكل استثمار خصوصية تفرده عن باقي الاستثمارات من حيث طبيعته ومدى ربحيته ومدى الإقبال عليه وسرعة دوران رأس المال فيه والظروف التي تحيط به. فالاستثمار في الإنتاج الزراعي يختلف عن الاستثمار في مجال الإلكترونيات..  وحاصل ما تقدم أنه من غير الجائز قانونًا المطالبة بتطبيق الامتيازات والحقوق التي تمنحها الدولة لاستثمار يعزف المستثمرون عادةً عن الإقبال عليه لظروفه الخاصة على استثمارات أخرى يتنافس عليها لارتفاع نسبة ربحيتها ولظروفها المواتية.


الوقائع والإجراءات

في إطار التكامل العربي تم توقيع اتفاقية بين دولة عربية أفريقية وأخرى عربية آسيوية على إنشاء شركة مشتركة تعمل في إقليم الأخيرة وتشتغل في الاستثمارات الصناعية والزراعية..  ووضع الشركة المشتركة نظام أساسي وصدر بإنشائها مرسوم في الجريدة الرسمية، ثم وقع الخلف بين الشركة وبين حكومة الدولة الآسيوية على مدى التزامها بأداء الجمارك على السيارات التي تستوردها وتستخدمها في أعمالها وعلى رسم الطابع (الدمغة) على العقود والأوراق التي تستحق عليها طبقًا للقانون في الدولة المضيفة.

وكان بالاتفاقية شرط تحكيم نصه (المادة 52 من النظام الأساسي للشركة المشتركة): “أي خلاف يتعلق باتفاقية التأسيس أو بهذا النظام ويتعذر حله بالتفاهم يُسوى عن طريق التحكيم الذي يتم باختيار كل طرف حكما من جانبه ويتفق المُحكَمان على اختيار مُحكَم ثالث مرجح ويلزِم الطرفان بنتيجة التحكيم فإذا لم يتفق المُحكَمان على اختيار المُحكَم المرجح خلال ثلاثين يومًا يعين أمين عام الجامعة العربية المرجح بناءً على طلب أي من الطرفين. وتضع لجنة التحكيم قواعد الإجراءات الخاصة بها دون التقيد بقانون الأصول في أي من الدولتين. وتطبق هيئة التحكيم إلى جانب أحكام هذا النظام المبادىء العامة المشتركة في القوانين السائدة في دولتي الطرفين ومبادئ العدالة.

واختلف المُحكَمان المعينان من الطرفين على تعيين المُحكَم المرجح فتقدم كل منهما إلى أمين عام الجامعة العربية بتعيينه فقام بذلك واكتمل تشكيل محكمة التحكيم التي أسماها شرط التحكيم مرة “لجنة التحكيم” ومرة ثانية في نفس الشرط “هيئة التحكيم” ووافق الثلاثة كتابةً على أداء المهمة وأقروا بعدم وجود ما يدعو إلى الشك في حيدتهم أو استقلالهم. وقررت محكمة التحكيم بالإجماع تطبيق قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي (الإنسترال) على إجراءات الدعوى التحكيمية الماثلة ولكن الطرف الآسيوي نازع أثناء الإجراءات في ذلك.

كانت الاتفاقية بين البلدين تنص على أن النظام الأساسي للشركة المشتركة يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاتفاقية. كما نصت على أنه “مع عدم الإخلال بأية إعفاءات ضريبية أفضل مقررة في أي قانون في الدولة الآسيوية، تعفى أرباح الشركة المشتركة من جميع الضرائب والرسوم المقررة على الأرباح ومن الضريبة على رؤوس الأموال المتداولة لمدة خمس سنوات من تاريخ أول ميزانية رابحة للمشروع ويسري هذا الإعفاء ولذات المدة على عائد الأرباح التي يعاد استثمارها في المشروع”.

كذلك نصت الاتفاقية على إعفاء أسهم الشركة المشتركة من رسم الطابع وإعفاء الآلات والمعدات التي تملكها من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم: وورد بالاتفاقية أن للشركة المشتركة أن تستورد مباشرة جميع احتياجاتها من الآلات والتجهيزات والمعدات والآليات وسيارات العمل والمواد الأولية اللازمة لإقامة مشاريعها أو توسيعها وكذلك المواد الأولية اللازمة لعمليات تشغيل مشاريعها وذلك استثناءً من أحكام الحصر والتقييد ومن نظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ “ونصت الاتفاقية كذلك على أنّ لأيٍ من طرفي الاتفاقية حق التصرف في حصته في رأسمال الشركة لشخص طبيعي أو معنوي يحمل جنسيته دون خضوع لأي قيود مالية أو قانونية أو ضريبية”.

وكان الطرف الأفريقي قد أعطى ملكية حصته لشركة من شركات القطاع العام به، وبصفتها مالكة أقامت دعوى التحكيم ضد حكومة الطرف الآسيوي، وذكرت أن هذا الأخير كان قد أصدر قانونًا – استجابةً لطلبها الإعفاء – مشيرًا إلى أحكام الاتفاقية وإلى اتفاقية أخرى مماثلة بين الدولة الآسيوية والمملكة العربية السعودية تعمل في نفس مجال الاستثمار وقرر القانون أن الإعفاء على السيارات سقط سهوًا في الاتفاقية مع الطرف الأفريقي بينما ورد صراحةً في الاتفاقية مع السعودية، مما يحتاج إلى تصحيح الوضع بالنسبة لاتفاقية الطرف الأفريقي وفي اليوم التالي صدر مرسوم تشريعي يلغي القانون المشار إليه استنادًا إلى أنه يعطي للشركة المشتركة مع الطرف الأفريقي ميزة جديدة لم تكن متمتعة بها عند توقيع اتفاقية تأسيسها. بينما تمسكت الشركة الأفريقية في طلب التحكيم بأن إعفاء السيارات من الرسوم الجمركية تطبيق لكلمة الآلات والمعدات الواردة في الاتفاقية باعتبار أنها في حقيقتها من الآلات التي تستوردها الشركة لتحقيق أغراضها.

يعزز ذلك أيضاً ما قرره المرسوم التشريعي الذي أجاز منح الشركات ميزات إضافية وفقا لمراسيم خاصة تصدر بناءًا على اقتراح وزير الاقتصاد والتجارة الداخلية وموافقة اللجنة الاقتصادية عملًا بنص الفقرة (ب) من المادة الأولى منه فضلًا عن أحكام القانون الذي أخضع الجهات المحددة فيه لقوانين الضرائب والرسوم والتكاليف المالية، مثل المؤسسات والشركات العامة الخاضعة للمرسوم التشريعي رقم18لسنة 1974 والشركات العامة الخاضعة للقانون رقم 1لسنة 1976، والمؤسسات العامة والشركات العامة والمنشآت العامة وأي شخص اعتباري عام أو مشترك يمارس نشاطًا تجاريًا أو صناعيًا أو خدمات أو غير ذلك من أوجه النشاط الاقتصادي أيًا كانت جهة ارتباطه، باستثناء القطاع المشترك الذي تساهم فيه الدولة أو مؤسساتها مع دولة عربية أو أجنبية أو مع شركات أو مؤسسات عربية أو أجنبية والذي صدرت صكوك إعفائه بنصوص تشريعية خاصة.

واستخلصت المحتكمة من كل ما تقدم أن القانون الأخير قد أعفى الأشخاص الاعتبارية التي تدخل في نطاق القطاع المشترك الذي تساهم فيه الدولة أو مؤسساتها العامة مع دولة عربية، والذي صدرت صكوك إعفائها بنصوص تشريعية خاصة تتضمن عدم خضوعها لقوانين الضرائب والرسوم والتكاليف المالية. وإذ كانت الشركة المشتركة تعتبر بدون أدنى شك، الشكل النموذجي للقطاع المشترك، وتعبر عن مساهمة بين الدولتين الآسيويتبن والأفريقية في مجال الاستثمار والتنمية الاقتصادية، فإن عدم خضوعها لتلك الضرائب والرسوم يبدو أمرًا حتميًا، وذلك استنادًا إلى نص القانون سالف الذكر وكذلك نص المادة 11/1 من اتفاقية التأسيس، فضلًا عن أن أعمال أحكام القانون رقم 2 لسنة 1982 ليس مرهونًا بصدور صك تشريعي خاص لإعفاء الشركة. ذلك أن هذه المسألة تتعلق بالشكل أكثر من تعلقها بالموضوع، لا سيما أن الشركة محل النزاع قد تم إنشاؤها بمقتضى الاتفاقية المبرمة بين الدولتين عام 1978 في حين أن القانون الذي يتطلب هذا الشكل قد صدرعام 1982 ولا يجوز التذرع بعدم استفادة الشركة من الإعفاء الضريبي بمقولة أنه لم يصدر صك تشريعي خاص بإعفائها. إذ أن أحكام القانون الدُولي والمبادىء المشتركة في كل من القانونين تقرر عدم جواز احتجاج الدولة بقوانينها الداخلية للتنصل من تنفيذ تعهداتها الدُولية.

كذلك فقد استندت المحتكمة إلى اتفاقية رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين الدولة العربية التي تنص في المادة الخامسة منها على أن تلتزم الدول الأعضاء بمعاملة الاستثمارات العربية بما لايقل عن معاملة أي استثمارات أجنبية قد تمنحها هذه الدول مزايا خاصة، وتتمتع الاستثمارات العربية تلقائيا بنفس المزايا فور منحها”

وينبني على ذلك حق الشركة المشتركة في التمتع بنفس المزايا والإعفاءات التي قررتها الحكومه (الآسيوية) لأي استثمارات أجنبية أخرى وهو ما قررته الحكومة المذكورة لعدة شركات من بينها إدارة فندق ميريديان الذي أعفته الحكومة من جميع الرسوم والضرائب والتكليفات والطوابع على اختلاف أنواعه والمعمول بها حاليا أو التي تفرض في المستقبل بما في ذلك الرسوم الجمركية المفروضة من قبل الدولة على السيارات والآليات وجميع المشتريات اللازمة للاستثمار. كذلك فقد نص القانون رقم 13بتاريخ 7/3/1974 على أن تُعفى الشركة الكويتية لصنع الأنابيب الفولاذية من جميع الضرائب والرسوم المالية والجمركية والبلدية والتكاليف المالية العامة بما في ذلك رسم الطابع على العقود والكفالات.

وبالإضافة إلى ذلك فقد نصت الاتفاقية المبرمة في 13/7/1973 بين الحكومة الآسيوية وبين شركة موتورابيركا الأسبانية بشأن تأسيس شركة آسيوية أسبانية مشتركة لإنتاج الجرارت الزراعية والصناعية على أن (تُعفى الشركة من جميع الضرائب وضريبة الدخل والرسوم الجمركية والرسوم المالية والبلدية بما الضرائب المباشرة والضرائب على الإنتاج). كمان أن اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة مع السعودية للاستثمارات الزراعية والصناعية، وهي من المشروعات العربية المشتركة التي تعمل في نفس مجال الشركة المحتكمة نصت في المادة 12/1 منها على أن (تُعفى الآلات والمعدات ووسائل النقل التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم).

وأضافت المحتكمة أنه مما يدعو للدهشة أن نص المادة (12) من اتفاقية تأسيس الشركة المحتكمة منقول حرفيًا من النص المماثل لاتفاقية تأسيس الشركة المشتركة السابق الإشارة إليه إلا أن عبارة “وسائل النقل” قد سقطت سهوًا فيما يبدو فلم تظهر في النص المماثل لاتفاقية تأسيس الشركة الماثلة مما أثار النزاع المطروح بين الحكومتين حول مدى امتداد الإعفاء الجمركي إلى سيارات الشركة أسوة بالآلات والمعدات إلى تملكها، ولعل هذا ما دعا المشرع إلى إصدار القانون رقم 21لسنه 1990 الذي ألغاه في اليوم التالي. ومع ذلك فإن احترام مبدأ تنفيذ الاتفاقيات بحسن نية، وكذلك الاحترام المتطلب للحقوق المكتسبة يقتضي أعمال فكرة ال Estoppel ويؤدي في حالتنا إلى تقرير المسؤولية الدُولية للدولة المضيفة في حالة تعديل تشريعاتها الداخلية المقررة للإعفاءات والمزايا على نحو يؤثر على رأس المال الأجنبي الذي تم استثماره في هذا القطر قبل إلغاء الإعفاءات والمزايا بمقتضى تشريعات لاحقة. وانتهت المحتكمة إلى طلب الحكم لها بالتفسير السليم للاتفاقية المبرمة بين الطرفين الذي يترتب عليه براءة ذمتها من مطالبة وزارة المالية للشركة المشتركة بسداد رسم الطابع على معاملاتها وبسداد الرسوم الجمركية على السيارات التي تستوردها لعملها.

وحيث أن الدفاع عن المحكتم ضدهما قدم مذكرة دفع فيها الدعوى التحكيمية بعدة دفوع شكلية، قبل إبداء الدفاع في موضوع الدعوى وطلب الحكم بعدم قبول طلب التحكيم شكلًا والحكم برفضه موضوعًا وإلزام الشركة طالبة التحكيم بمصاريف التحكيم شاملة أتعاب المُحكَمين.

وحيث أن الدفع الأول يتعلق ببطلان حل النزاع المطروح عن طريق التحكيم استنادًا إلى أن المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية تتعلق بالخلافات التي يتعين حلها عن طريق التحكيم عند تعذر حلها بالتفاهم وهي تلك التي تتعلق أما باتفاقية التأسيس وإما بالنظام الأساسي للشركة، دون سواها وعلى ذلك فإن النزاع في التحكيم يجب أن لا يتعدى الطرفين المؤسسين للشركة الموقعين على الاتفاقية بما فيها بند التحكيم.

ولما كان النزاع المطروح على التحكيم لا يمت بأي صلة على الإطلاق باتفاقية تأسيس الشركة أو بنظامها الأساسي، كما أنه ليس ناشبًا بين الطرفين المؤسسين للشركة المشتركة، وإنما هو في حقيقته قائم بين “الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية” – وهي شركة مساهمة (المادة الأولى من اتفاقية التأسيس) لها شخصية اعتبارية مستقلة تمام الاستقلال عن حكومتي الجمهورتين، “وبين وزارة المالية في الجمهورية الآسيوية التي تتمتع هي الأخرى بشخصية اعتبارية مستقلة عن الأطراف الموقعة على اتفاق التحكيم، فإن ذلك يوجب الحكم ببطلان الالتجاء إلى التحكيم.

كما أنه لا يغير من ضرورة الحكم ببطلان الالتجاء إلى التحكيم أنه مقدم في ظاهرة من (الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية) بدعوى أنها تمثل (المساهم الأفريقي في الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية) مع أنها لم تكن هي أيضاً طرفًا في اتفاق التحكيم. كذلك فإن وزارة المالية (الآسيوية) لم تكن طرفا في اتفاق التحكيم وقد اقحم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بصفته مدعى عليه في هذا التحكيم، ودون أن يطلب الحكم عليه بشيء مع العلم أن شخصيته بوصفه وزيرًا للاقتصاد والتجارة الخارجية تختلف عن شخصيته بوصفه ممثلًا لحكومة الجمهورية الآسيوية في التوقيع على صك تأسيس الشركة.

تأسيسًا على ذلك أقام ممثل المحتكم ضدهما دفعه بطلب رفض التحكيم شكلًا لعدم صحة خصومة أطراف هذا التحكيم ذلك أن الخلاف المطروح للتحكيم ليس واقعًا بين الأطراف الحقيقين وهم الأطراف الموقعون على اتفاقية تأسيس الشركة، وبالتالي فإن الخصومة الموجهة إلى المختصمين في الدعوى التحكيمية غير صحيحة مما يستتبع عدم قبول هذا التحكيم شكلًا لتعلق ذلك بحق القانون وبالنظام العام.

كما دفع ممثل المحتكم ضدهما بضرورة رفض التحكيم شكلا لعدم صحة تمثيل الجهة طالبة التحكيم بمقولة أنه حتى بفرض جواز البت في النزاع المطروح عن طريق التحكيم وبفرض صحة خصومة أطراف هذا التحكيم فإن الجهة طالبة التحكيم ليست ممثلة تمثيلًا صحيحًا فيه، ذلك أن الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية هي الجهة المستفيدة من الإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها مع الغير ومن الرسوم الجمركية على سياراتها في حال الحكم به من قبل هيئة التحكيم، وليس فقط ما يسمى ب (الطرف الأفريقي أو الشركة الأفريقية) للاستثمارات الخارجية بوصفها تمثل المساهم الأفريقي في الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية، فضلًا عن أن الوكالة المعطاة لممثلي المحتكمة يجب أن تتوافر فيها الشروط التالية:

أ‌)   أن تكون صادرة عن رئيس مجلس إدارة الشركة أو من يفوضة بذلك، وفقا لما قضت به المادة (29) من النظام الأساسي للشركة. علمًا بأن الوكالة المعطاة للمحامي.. .  إنما هي صادرة عن (المهندس.. . بصفته مفوضًا عن الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية وعن الجانب الأفريقي في الشركة وليس بصفته (رئيس مجلس إدارة الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية).

ب‌)    أن تدعم الوكالة بما يثبت تفويض المهندس المذكور الصادر منه التوكيل بالتوكيل في دعوى التحكيم.

وفضلًا عن هذين الشرطين فإنه يجب للتحقق من صحة تمثيل الشركه الأفريقية للاستثمارات الخارجية إبراز بيان مصدق علية من سجل الشركات يبين اسم رئيس مجلس الإدارة المذكور خاصة أن الوثائق التي تم ضمها تفيد وجود رئيسين لمجلس إدارة الشركة. كما يجب إبراز ما يثبت أن رئيس مجلس إدارة الشركة مفوض بالتحكيم وبتوكيل المحامين بهذا الخصوص، إذ لابد من تفويض خاص في مسائل التحكيم. الأمر الذي يجعل (تمثيل الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية) باطلًا أيضاً، وما يستتبع ذلك من وجوب رفض طلب التحكيم شكلًا لهذا السبب.

كذلك دفع ممثل المحتكم ضدهما بعدم جواز إلزام طرفي التحكيم بنظام تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدُولي دون موافقتهم الخطية على ذلك إذ تنص المادة الأولى من نظام تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدُولي على ضرورة أن يكون الخضوع له بموجب اتفاق خطي بين الأطراف المحتكمة. وأن يكون للأطراف المحتكمة الحق في إدخال أي تعديلات عليه باتفاق خطي فيما بينهم وأن تكون الأولوية في التطبيق للقانون المطبق على التحكيم في حال تضارب أحكامه مع أحكام نظام تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدُولي.

وإذا كانت المادة (510) من قانون أصول المحاكمات (بالجمهورية الآسيوية) تنص على أنه “يجب أن يحدد موضوع النزاع في صك تحكيم أو أثناء المرافعة ولو كان المُحكَمون مفوضين بالصلح وإلا كان التحكيم باطلًا” وإذ كان من الضروري وضع صك التحكيم بإشراف لجنة يوقع عليه الأطراف المحتكمة ويحددون بموجبه النظام الذي يرغبون الاحتكام إليه وغير ذلك من المسائل الأساسية الأخرى في التحكيم فإن اختيار قواعد الإنسترال للتطبيق على الدعوى الماثلة يغدو مجردًا من أي أساس قانوني. ولا يقدح في ذلك ما نصت علية المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية من أن تضع اللجنة قواعد الإجراءات الخاصة بها دون التقيد بقانون الأصول في أيٍ من الدولتين، فإن ذلك ينحصر في الإجراءات فقط، مثل إدارة الجلسات واستحضار الخصوم وغير ذلك من الإجراءات، ولا يجوز التوسع في تفسير عبارة “الإجراءات” بحيث تشمل نظام تحكيم معين، مثل نظام تحكيم الإنسترال.

وحيث أنه في شأن موضوع الدعوى التحكيمية فقد أشار ممثل المحتكم ضدهما إلى أنه بالرجوع إلى المادة (12) من اتفاقية التأسيس، تبين أنها في فقرتها الأولى تحدثت عن إعفاء الآلات والمعدات التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم، أما الفقرة (ب) فقد نصت على أن للشركة أن تستورد مباشرة جميع احتياجات من الآلات والتجهيزات والمعدات والآليات وسيارات العمل وذلك استثناء من أحكام الحصر والتقييد ومن نظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ” وإذ ميز النص سالف الذكر بين الآلات التي يتحدث عنها في فقرته الأولى والسيارات التي ييتحدث عنها في الفقرة الثانية فإن ذلك يقطع بأنه لم يقصد إعفاء السيارات في الفقرة الأولى وغاية الأمر أن المشرع أجاز للشركة بأن تستورد (سيارات العمل) اللازمة لإقامة مشاريعها أو توسيعها، وذلك استثناء من أحكام الحصر والتقييد ومن نظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ. وهذا يدل على نية المشرع بعدم إعفاء سيارات الشركة من الرسوم الجمركية.

أما من حيث ادعاء المحتكمة بأن الجهة طالبة التحكيم تتمتع بالإعفاءات الضريبية استنادًا لمبدأ “المعاملة التفضيلية” فقد أشار ممثل الجمهورية الآسيوية إلى أنه لابد من توفر شرطين أساسيين لكي تتمتع الشركة بالإعفاءات:

الأول: أن تكون تلك الإعفاءات مقررة في قوانين تشجيع استثمار رأس المال العربي والأجنبي في الجمهورية الآسيوية.

الثانى: أن ينصب الإعفاء على الضرائب وليس على الرسوم.

وأضاف أنه مما يؤيد وجهة النظر أن الاتفاقية تأسيس الشركة المذكورة قد أعفتها من جميع الضرائب والرسوم المقررة على الأرباح ومن الضريبة المقررة على أرباح رؤوس الأموال المتداولة ولمدة خمس سنوات (المادة 11/أ). كما أعفت أسهم الشركة من رسم الطابع (المادة 11/ب) كذلك أعفت الآلات والمعدات التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم (المادة 12/أ) ولو أن نية المشرع انصرفت إلى إعفاء جميع نشاطات الشركة من الضرائب والرسوم لكانت النصوص التشريعية المنوه عنها من قبيل اللغو، ولكان المشرع قد اكتفى بإيراد المادة (7) من اتفاقية التأسيس التي تتمسك بها المدعية دون أن يحدد مجالات الإعفاء أو مدته في أي نص آخر.

أما عن النصوص الخاصة بالإعفاءات لبعض الشركات العربية والأجنبية والتي تستند المدعية تأييدًا لوجهة نظرها فقد جاء في مذكرة دفاع الحكومة (الآسيوية) أن المقصود ب “قوانين تشجيع استثمار رأس المال العربي والأجنبي” التشريعات العامة التي تطبق على كل رأس مال عربي وأجنبي مثل اتفاقية رؤوس الأموال العربية بين البلدان العربية والاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، ولكن لم يقصد بذلك القوانين أو النصوص الخاصة ببعض “الشركات العربية والأجنبية” التي تستند إليها الجهة المدعية تأييدًا لطلباتها، ذلك أن قرار رئيس مجلس الوزراء – رئيس المجلس الأعلى للسياحة رقم (121) بتاريخ 27/6/1987 المتضمن إعفاء إدارة فندق الميريديان وعناصره الأجنبية من جميع الرسوم والضرائب والتكليفات والطوابع التي أُشير إليها في دفاع المحتكمة هو عبارة عن قرار لا يرقى إلى مرتبة القانون، وبالتالي فلا يمكن الاستناد إليه. وكذلك الأمر بالنسبة لبلاغ وزارة المالية رقم (201/ب) تاريخ 30/12/1987 والذي أُشير إليه في دفاع المحتكمة بشأن إعفاء فنادق الميريديان والجلاء وتشرين من رسم الطابع على نسختي العقد، فهو لا يرقى كذلك إلى مرتبة القانون من جهة، كما أنه يتعلق برسم الطابع على نسختي العقد وليس برسم الطابع على عقود تلك الفنادق مع الغير من جهة أخرى ومن ثم فلا يمكن اعتباره أساسا يستند عليه. أما عن القانون رقم (13) تاريخ 7/3/1974، المتضمن التصديق على العقد رقم (48) تاريخ 20/2/1974 المبرم بين الشركة العامة للنفط والشركة الكويتية لتصنيع الأنابيب الفولاذية والعقد رقم (49) تاريخ 20/2/1974 المبرم بين الشركة العامة للنفط وبين المكتب الفني للهندسة والمقاولات المشار إليهما في دفاع الشركة المحتكمة فإنه يجب ملاحظة أن القانون المذكور اقتصر على الإعفاء من “رسم الطابع على العقدين المذكورين” وليس من رسم الطابع على عقود تلك الشركات مع الغير “مما لا يجعل منه أساسا صالحًا للقياس عليه”.

كذلك فإن المرسوم التشريعي رقم (12) تاريخ 12/2/1974 المتضمن تصديق الاتفاقية بين الجمهورية (الآسيوية) وشركة موتور أيبريكا الأسبانية التي استند عليها كذلك دفاع المحتكمة فإنه لا يوجد في هذا المرسوم التشريعي أي نص على الإعفاء من رسم الطابع على العقود المبرمة مع الغير، ولا من الرسوم الجمركية على السيارات، ذلك أنه لم يتضمن إلا إعفاء من الضرائب المباشرة والضرائب على الأرباح. أما بالنسبة على اتفاقية الشركة المشتركة مع السعودية، فإن دفاع الشركة المحتكمة لم يبين ما إذا كانت تلك الاتفاقية قد صدق عليها من السلطة التشريعية. ولكن على أية حال فإن الإعفاء الوارد بالنسبة للشركة المذكورة بصدد رسم الطابع، يتناول رسم الطابع على أسهم الشركة، وليس على عقودها مع الغير. مما لا يصح معه كذلك القياس عليه.

وأبدى ممثل المحتكم ضدهما كذلك أن الإعفاء الخاص بالشركة الفرنسية لصناعة مقاسم هاتفية المنشأة بالمرسوم التشريعي رقم (4) بتاريخ 13/2/1975 قد ورد في المادة (9/5/و) من الاتفاقية المذكورة ويتناول الضرائب فقط دون الرسوم. وخلص دفاع المحتكم ضدهما إلى القول أن الاتفاقيات الخاصة بين الجمهورية (الآسيوية) وبين الشركات العربية والأجنبية، والتي استندت إليها الشركة المحتكمة لا تتضمن أي نص بالإعفاء من رسم الطابع على عقود تلك الشركات مع الغير، ولا من الرسوم الجمركية على سياراتها. وانتهى دفاع المحتكم ضدهما إلى الحكم بعدم قبول طلب التحكيم شكلًا ورفضه موضوعًا والحكم على الشركة المحتكمة بمصاريف التحكيم.

وحيث أنه بجلسة 28يونيو سنة 1998 قرر الحاضر عن الجمهورية (الآسيوية) أنه يقر بصحة تمثيل الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية كممثل للحكومة الأفريقية وأنه يتنازل عن الادعاء بأن المدعية لا تمثل الجانب الأفريقي إلا أنه يعترض على صحة تمثيلها. وأضاف أنه لا خلاف بين الطرفين في الشركة المشتركة لأن مصالحهما مشتركة ولكنها متعارضة مع وجهة نظر وزارة المالية (الآسيوية) التي لها شخصية اعتبارية مستقلة أما بالنسبة لخصومة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية فإن الدولة فوضت وزير الاقتصاد للتوقيع على الاتفاقية ولكن الآن لم يعد له أي علاقة بهذا النزاع الذي يتعلق بقرارات وزارة المالية (الآسيوية). وعلى ذلك فإن المختصم في هذه الدعوى هو وزارة المالية (الآسيوية) ويمكن أن تقام الدعوى باسم رئيس مجلس الوزراء. وأن الذي يختصم هو الدولة. حيث أنه لا خلاف بين الأطراف الموقعين على اتفاقية التأسيس، ولكن بين الشركة المشتركة وبين إحدى وزارات الجمهورية السورية، ولا يوجد خلاف بين الطرفين على تفسير الاتفاقية.

أما من ناحية صحة تمثيل الخصومة في الدعوى الماثلة فقد قرر ممثل الحكومة الآسيوية أنه إذا كان الطرف الحقيقي في النزاع هو الشركة المشتركة فيجب أن تُمثل من قبل رئيس مجلس إدارتها. وحيث أنه غير موجود فلا يوجد تمثيل بالنسبة للشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية فقد قدم في الدعوى توكيلان من قبل شخصين مختلفين، وليس تحت نظرنا تفويض من قبل رئيس مجلس إدارة الشركة العربية المذكورة.

وأضاف أنه بالنسبة لوكالة الأستاذ…….  فهو موكل من الأستاذ/……..  وهو المفوض من الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية، ولكن هذا التفويض غير موجود ولا يوجد مستند رسمي باسم رئيس مجلس الإدارة على ذلك. أما بالنسبة لوكالة الأستاذ الدكتور /……  المحامي فهو موكل من الأستاذ /…  ولكن لابد من وجود مستند رسمي بإثبات أن الموكل الأستاذ/…. هو رئيس مجلس الإدارة. وحيث أن ممثلي المحتكمة قدما بتاريخ..  مذكرتين يمكن إجمال ما تضمنتاه في إبراز وجهة نظر المحتكمة بشأن بعض الأمور التي أثارها دفاع المحتكم ضدهما، فبالنسبة إلى ما أُثير بشأن وكالة الأستاذ.. . المحامي جاء بدفاع المحتكمة أن ممثل المحتكم ضدهما في الدعوى الماثلة لا يجادل في أن القانون (الآسيوي) أعطى لنقابة المحامين صلاحية كاتب العدل بتصديق الوكالات للسادة المحامين، وهذه الوكالة صك رسمي صادر عن موظف عام قام بتدوين البيانات الصادرة عن ذوي الشأن، فإن تحقق منها بنفسه أو جرت بحضوره أصبح هذا الصك سندًا رسميًا لا يجوز الطعن فيه إلا بالتزوير، وأن البيانات المدونه به وتلقاها الموظف العام عن ذوي الشأن تصبح بيانات رسمية لها حجية وعلى من يدّعي خلافه أن يثبته. فقد جاء بالمادة 6 من قانون البيانات (بالدولة الآسيوية) مايلي:

1-  تكون الإسناد الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونًا.

2-   أما ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات فيعتبر صحيحًا حتى يقوم الدليل على ما يخالفه ممن يتمسك بذلك.

وتأسيسًا على ذلك تضمن دفاع المحتكمة أن وكالة المحامي تمت بواسطة موظف عام تأكد بنفسه من صحه التفويض من قبل المدير العام للشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية وبعد تأكده من هذه الصفه قام بتنظيم الوكالة وليس لأحد أن ينال من حجيتها إلا بالطرق التي حددها القانون.

وحيث أنه ورد بتاريخ 16 يوليو سنة 1998 بيان من رئيس مجلس إدارة الشركة المحتكمة مؤرخ 14/7/1998 يتضمن أن وكالة الأستاذين…….. و……. قد صدرتا منه باعتباره رئيسا لمجلس الإدارة والمدير العام للشركة الأفريقية للاسثمارات الخارجية وأن ولايته يستمدها من قرار أمين اللجنة الشعبية العامة رقم 494 تاريخ 11/8/1982 وبناء على هذه الصفة فقد نظم الوكالة وفوض المهندس…  بالكتاب رقم 271 تاريخ 25/11/1997 بتوكيل الأستاذ… المحامي، وقد جرى التوكيل وفقًا للصلاحيات الممنوحة، مما يجعل عبء إثبات العكس يقع على من يدعيه وبالوثائق المقبولة قانونًا.

وحيث أنه جاء بدفاع المحتكمة كذلك رفض دفع ممثل المحتكم ضدها بشأن عدم جواز اختصام وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية (الآسيوية) ذلك أن هذه الوزارة هي المسؤولة عن الاشراف على الشركات المشتركة للتنسيق في المواقف مع الحكومه الآسيوية واية ذلك أن وزارة المالية تخاطب الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية عن طريق وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ودعما لذلك قدمت المحتكمة صور عدة مراسلات توجه فيها وزارة المالية مطالبتها عن تحصيل بعض التكاليف المالية عن طريق وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.

وفى الرد على باقي الدفوع الشكلية التي أثارها دفاع حكومة الجمهورية (الآسيوية) جاء في دفاع المحتكمة أن المطلوب هو التقدير الصحيح لنصوص اتفاقية التأسيس وما إذا كانت تقرر حق الشركة المشتركة في الإعفاء من الرسوم الجمركية على وسائل النقل التي تملكها وكذلك الإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها ومن ثم فإن النزاع – على خلاف ما ورد في مذكرة المحتكم ضدهما – يتعلق باتفاقية التأسيس، كذلك فإن الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية والمملوك رأس مالها بالكامل للدولة أصبحت وفقًا للقانون (الأفريقي) برقم 6 لسنة 1981 هي الجهة التي حددتها الدولة لتتولى أمر استثماراتها في الخارج ومن بينها مساهمة الدولة الأفريقية في رأس مال الشركة المشتركة ومن ثم فهي الممثلة للدولة في هذا الشأن ومن ثم فمن حقها أن ترفع الدعوى الماثلة ممثلة الطرف الأفريقي كما أنه من الطبيعي أن يمثل الطرف (الآسيوي) وزير المالية ووزيرالاقتصاد والتجارة الخارجية وأضاف دفاع المحتكمة أن الشركة المشتركة ليست طرفًا في الدعوى الماثلة.

أما بالنسبة لما ورد في مذكرة دفاع المحتكم ضدهما من عدم جواز تطبيق قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي، فقد جاء في دفاع المحتكمة أن البين من نص المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة أنها ترخص لهيئة التحكيم اختيار قواعد الإجراءات الخاصة بها دون التقيد بقانون الأصول في أي من الدولتين وهو تفويض عام يجيز لها هذا الاختيار مع استبعاد قوانين المرافعات الداخلية لكل من الدولتين، أما الإشارة إلى المادة 510 من قانون المرافعات (الآسيوي) فلا صلة لها بالدعوى الماثلة إذ هي تتعلق بمشارطة التحكيم وليس بشرط التحكيم.

وأورد دفاع المحتكمة أربعة أمثلة منحت بمقتضاها القوانين (في الدولة الآسيوية) المزايا والإعفاءات التي تطالب بها الشركة المحتكمة. وقدم دفاع المحتكمة في نطاق المثال الأول نسخة من المرسوم التشريعي 38 الصادر بتاريخ 4/10/1976 الذي انطوى على التصديق على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة مع السعودية للاستثمارات الصناعية والزراعية والذي نص في المادة (12أ) منه على ما يأتي: تُعفى الآلات والمعدات ووسائل النقل التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم “الأمر الذي يؤكد أن وسائل النقل الخاصة بالشركة المشتركة مشمولة بهذه الميزة إذ أن المرسوم التشريعي في النظام القانوني (الآسيوي) هو قانون، أما المرسوم العادي في الدولة الآسيوية فإنه نظير لقرار رئيس الجمهورية في النظام القانوني في الدول الأخرى. وأضافت مذكرة المحتكمة أن إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدُولية يتم من قبل رئيس الجمهورية وذلك وفقا لنص المادة 104 من الدستور (الآسيوي) ومن ثم يكون ما ذهب إليه دفاع ممثل المحتكم ضدهما غير متسق مع حكم القانون والواقع لأن المرسوم التشريعي في الدولة الآسيوية يكون قانونًا ويبقى نافذًا إلى أن يلغيه مجلس الشعب بأكثرية ثلثي الأعضاء عملًا بأحكام المادة 111 من الدستور (الآسيوي)، فضلًا عن أنه لا يجوز لأي طرف في معاهدة دُولية (صك إحداث الشركة المشتركة) الاحتجاج بأي قانون قطري للتأثير على حقوق الشركة المشتركة. أما المثال الثاني الذي قدمته الشركة المحتكمة فيتعلق بالمرسوم التشريعي الصادر بتاريخ 12/2/1974 الخاص بالتصديق على تأسيس شركة مشتركة أسبانية لتصنيع الجرارت والمحركات والآلات والأدوات الزراعية والذي جاء بالمادة 26 منه مايلي: تُعفى الشركة من جميع الضرائب وضريبة الدخل والرسوم الجمركية والرسوم المالية والبلدية.

وهذه المزايا المعطاة لرأس المال الأجنبي المستثمر في الدولة الآسيوية نافذة بمقتضى مرسوم تشريعي أي بقانون وفقاً للمادة 104 من الدستور وقد قرر القانون الإعفاء من الرسوم الجمركية ومن الرسوم بما في ذلك رسم الطابع الذي يُعتبر من الرسوم المالية لأن الرسوم المالية كثيرة منها رسم الطابع ومنها رسم الملاهي ومنها الرسم القضائي وغيرها وإطلاق النص بشأن الرسوم المالية يسري على كل الرسوم التي تحصلها وزارة المالية وتؤول إليها وتدخل في ميزانيتها. وهذه المزايا والإعفاءات المذكورة مازالت تتمتع بها الشركة سالفة الذكر وهي نافذة في الدولة الآسيوية إلى اليوم. أما المثال الثالث فيتعلق بالقانون  رقم 13 الصادر بتاريخ 7/3/1974 بالتصديق على عقد الشركة الكويتية لصنع الأنابيب الفولاذية والذي أقره مجلس الشعب بجلسته المنعقدة بتاريخ 3/3/1974 والذي جاء بالمادة (2) منه ما يلي: “يُعفى المشروع المشار إليه في المادة الأولى (مضمون العقدين آنفي الذكر أعلاه) من جميع الضرائب والرسوم المالية والجمركية وسائر التكاليف المالية مهما كان مطرحها..  والعمل الشعبي..  (هكذا)، ورسم الطابع على العقود والكفالات”، أما المادة 3 منه فقد نصت على أن “تطبق الإعفاءات المنصوص عنها على الملتزم ومتعهديه الثانويين ومستخدميه (من غير الجنسية الآسيوية) يتعلق بهذا العقد” واستخلص دفاع المحتكمة من ذلك أن المادة 2 من القانون المذكور أعطت ميزة الإعفاء من سائر الضرائب والرسوم والتكاليف المالية بما في ذلك رسم الطابع فيما يتعلق بالعقود والكفالات للمشروع.

أما المادة 3 من القانون المذكور فقد منحت فقد منحت إعفاء آخر يتعلق بتطبيق نفس الإعفاءات سالفة الذكر على المتعهدين الثانويين ومستخدميهم في كل ما يتعلق بالعقد أي في سائر المعاملات والأوراق والخطابات…  الخ المتعلقة بالعقد مما يعني أن القانون يمنح نوعين من الإعفاءات:

أولهما: إعفاء من سائر الرسوم الجمركية والبلدية وسائر التكاليف المالية بشكل عام بما في ذلك رسم الطابع للعقود والكفالات للمشروع.

ثانيهما: إعفاء بمقتضى نص المادة 3 من القانون بسريان كل الإعفاءات المذكورة في المادة 2 في كل ما يتعلق بهذا العقد، واستعمال كل ما يتعلق بهذا العقد أي إعفاء كل ما يتطلب تنفيذ العقد من معاملات وخطابات وشكايات ومراجعات بخصوص تنفيذ العقد أو الاختلاف على مضمون وفحواه ومداه وما حواه. مما يجعل هذا الإعفاء الشامل للرسوم الجمركية ورسم الطابع للعقد والكفالات متسقا مع نص المادة 7 من اتفاقية التأسيس للشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية التي قررت أن تتمتع الشركة بكل المزايا الممنوحة بالقوانين (الآسيوية) لتشجيع استثمار رأس المال العربي والأجنبي.

أما المثال الرابع فيتعلق بالمرسوم التشريعي رقم 26بتاريخ 3/7/1982 الذي يتضمن إعفاء بعض الشركات من الرسوم ورسم الطابع فقد جاء في المادة الأولى من هذا المرسوم التشريعي مايلي: تُعفى من ضرائب الدخل والرسوم ورسم الطابع الشركات المتعاقدة مع وزارة النفط والثروة المعدنية الشركة (الآسيوية) للنفط بالعقود..  وذلك خلال مراحل التنقيب والاستكشاف. يشمل الإعفاء موضوع الفقرة الأولى من هذه المادة المقاولين الثانويين من غير (الدولة الآسيوية) الذين ينفذون بموافقة الشركة الآسيوية للنفط أعمال العقود المذكورة”.

فالإعفاء من الرسوم ورسم الطابع منح للشركات المتعاقدة وليس لعقودها وقد أعفاها القانون من الرسم المالي ورسم الطابع وقد حدد المرسوم التشريعي الشركات المتمتعة بالإعفاء بأنها الشركات المتعاقدة. وأضاف دفاع المحتكمة أنه لاشك أن أعمال تنفيذ هذه العقود تحتاج إلى عشرات العقود التفصيلية ليتم تنفيذ العقود كأعمال الصيانة وأعمال تمديد الكهرباء والمياه والخدمات الصحية وخدمات الغذاء والمواصلات كل هذه الأعمال يقوم بها المقاولون الثانويون من غير جنسية الدولة الآسيوية بعقود تفصيلية وهي عقود تنفيذية مما يجعل كل هذه العقود الثانوية وتوابعها معفاة من الرسوم ورسم الطابع.

كذلك فقد جاء بدفاع المحتكمة أن مؤدى نص المادة (7) من اتفاقية تأسيس المشروع المشترك هو تمتع هذا المشروع بجميع الامتيازات والإعفاءات والضمانات التي يقررها النظام القانوني الآسيوي لأي استثمار عربي أو أجنبي آخر مادامت هذه الامتيازات والإعفاءات والضمانات مقررة بمقتضى النصوص القانونية عند التوقيع على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة، وهو ما يفترض سريان هذه الامتيازات والإعفاءات والضمانات التي يكون قد سبق منحها للاستثمارات الأخرى في تاريخ سابق على التوقيع على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة المحتكمة، وكذلك فإن الشركة المذكورة تتمتع أيضاً، بمقتضى المادة (7) سالفة الذكر، بأي امتياز أو إعفاء أو ضمان قد يمنحه المشرع (الآسيوي) في المستقبل لأي استثمار عربي أو أجنبي، وذلك من تاريخ تمتع الاستثمار العربي أو الأجنبي الآخر بهذا الامتياز أو الإعفاء أو الضمان. وهذه النتائج هي التي تترتب أيضاً على أعمال شرط الدولة الأولى بالرعاية في الاتفاقات الدُولية المتعلقة بمركز الأجانب في الدولة واستقر عليه الفقه والقضاء الدُوليين.

وعندما تريد الدول أن تحد من سريان شرط المعاملة التفصيلية فإنها تحرص على تقييد أعمال الشرط بالنسبة للاستثمارات الأجنبية بحيث لا تتمتع هذه الأخيرة بالإعفاءات والامتيازات والضمانات السابق منحها أو التي ستمنح في المستقبل لدول الجوار ذات التوجه القومي المشترك وهو ماتسير عليه الدول المتقدمة. وخلص دفاع المحتكمة إلى القول بأنه ترتيبا على ذلك فإنه لا يجوز حرمان الشركة المشتركة من أي امتيازات أو إعفاءات أو ضمانات سبق لحكومة القطر المضيف أن منحتها أو ستمنحها في المستقبل لأي استثمار عربي أو أجنبي آخر بمقتضى المادة (7) من اتفاقية الشركة، وإنه لا يجوز الانتقاص من المعاملة التفضيلية للمشروع المشترك على هذا النحو إلا بالنص صراحة على ذلك في اتفاقية التأسيس. وإذ لم تتضمن الاتفاقية المذكورة أي شيء من هذا القبيل فلا يجوز الانتقاص من حقها في المعاملة التفضيلية وفقا للمفهوم الذي استقر عليه الفقه الدُولي.

أما في الفرض الذي تتمتع فيه الشركة المستفيدة بالمعاملة التفضيلية في شأن إعفاء معين سبق منحه لاستثمار أجنبي آخر قبل التوقيع على اتفاقية تأسيس الشركة ثم تحرم حكومة القطر المضيف المستثمر الأجنبي السابق من هذا الإعفاء بعد نفاذ اتفاقية تأسيس الشركة المستفيدة فيثور التساؤل عن استمرار تمتع الشركة الأخيرة بالإعفاء المذكور بناء على المعاملة التفضيلية، ويرى دفاع الشركة المحتكمة في هذا الخصوص إنّ الأصل أن يزول حق الشركة المستفيدة في الإعفاء بمجرد زواله عن الاستثمار الأجنبي الآخر، مع ذلك فإن أحكام التحكيم الدُولي قد استقرت في مثل هذا الفرض على اعتناق الـEstoppel الذي يجوز بمقتضاها للشركة المستفيدة من المعاملة التفضيلية أن تتمسك بالإعفاء الذي تم إلغاؤه بمقتضى التشريعات الداخلية اللاحقة في القطر المضيف للاستثمار، وذلك على أساس حماية التوقعات المشروعة للمستثمر وأن القول بغير ذلك إخلال بمبادىء حسن النية التي كانت تقتضي احترام القطر المضيف للاستثمار لتعهداته التي أعلنها بإرادته المنفردة بمقتضى التشريعات التي كانت سائدة عند دخول رأس المال المستثمر فيها.

وردًا على ما أثاره دفاع حكومة المحتكم ضدهما من أن إعفاء بعض الشركات الأجنبية والعربية من رسم الطابع اقتصر على إعفائها من هذا الرسم على عقوج إنشائها وليس على العقود التي تبرمها هذه الشركات مع الغير جاء في دفاع الشركة المحتكمة أن هذا ينطوي على محاولة للتخلص من الالتزامات التي تفرضها الاتفاقات الدُولية ذلك أن إعفاء شركة موتورايبريكا الأسبانية من جميع الضرائب وضريبة الدخل والرسوم الجمركية والرسوم المالية والبلدية بما فيها الضرائب المباشرة والضرائب على الإنتاج طبقا للمادة 26/1 من المرسوم التشريعي رقم 12 بتاريخ 12/2/1974 الصادر عن رئيس الجمهورية بالتصديق على الاتفاقية بين الجمهورية (الآسيوية) وبين الشركة المذكورة ينطوي بالضرورة على إعفائها من رسم الطابع إذ أن إطلاق اصطلاح الرسوم المالية التي تُعفى الشركة من أدائها، دون أن يقيدها هذا الإعفاء بعقد تأسيس الشركة المذكورة يؤكد أنه يشمل أيضاً الإعفاء من رسم الطابع المقرر على معاملات الشركة مع الغير.

كذلك الأمر بالنسبة للعقدين المبرمين بين الشركة الكويتية لصنع الأنابيب الفولاذية وبين الشركة العامة للنفط من أجل تنفيذ مشروع خط للنفط الخام إذ نصت المادة (2) من القانون رقم 13 الصادر في 7/3/1974 أنه “يُعفى المشار إليه في المادة الأولى من جميع الضرائب والرسوم المالية والجمركية والبلدية وسائر التكاليف المالية..  بما في ذلك رسم الطابع على العقود والكفالات”. ولاينبغي أن يستخلص من عبارة إعفاء من “رسم الطابع” على نحو ماذهب إليه دفاع المحتكم ضدهما أن الإعفاء القانوني من رسم الطابع ينصب فقط على العقدين المبرمين مع كل من الشركة العامة للنفط والشركة الكويتية، فهذا استخلاص غير سائغ، لأن من يتمتع بهذا الإعفاء وفقا للنص المذكور هو المشروع المشترك الذي نشأ بمقتضى العقدين المشار إليهما في المادة (1). أما موضوع الإعفاء فهو العقود والكفالات التي يبرمها هذا المشروع مع الغير استهدافًا لتحقيق أغراضه.

أما ما أثاره ممثل الدفاع عن المحتكم ضدهما من التشكيك في صحة المستندات المقدمة من الطرف الأفريقي فقد جاء في دفاع الشركة المحتكمة أن هذا يتعارض مع اعتبارات حسن النية المفترض بين اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية، خاصة وأن المستندات التي يشكك الجانب (الآسيوي) في سلامتها هي صور من الجريدة الرسمية التي يمكن لممثل المحتكم ضدهما، بل ولعدالة الهيئة، الرجوع إليها وهي تشريعات للدولة الآسيوية وإذا كانت محل شك الطرف (الآسيوي) فهو القادر على تقديم هذه التشريعات في صورتها الصحيحة إن كان ثمة شك وله بطبيعة الحال الطعن فيما قدمه الطرف الأفريقي بالتزوير، إن أراد، وأضاف دفاع الشركة المحتكمة أنه لا يجوز على أي حال لأي طرف في اتفاقية دُولية، كاتفاقية تأسيس الشركة المشتركة، الاحتجاج بأي قانون محلي للتخلص من الالتزامات التي تضمنتها الاتفاقية. وحيث أن دفاع الشركة المحتكمة أشار إلى أن مطالبة وزارة المالية للشركة المشتركة بشأن رسم الطابع تحسب على أساس أن المبالغ التي أبرمتها الشركة المشتركة عقود أشغال وتوريد يبلغ قيمتها..  ألف دولار أمريكي. ويجري المحاسبة عليها بسعر الصرف الرسمي وهو…  فتصبح المبالغ الجاري التعاقد عليها من الشركة مائة وخمسين مليون ليرة تقريبا وتريد وزارة المالية تحصيل رسم الطابع على هذه العقود بمعدل 12.48 ليرة على كل ألف ليرة من مبالغ كل عقد إضافة إلى 16 (ستة عشر ليرة) على كل فاتورة فيكون المبلغ المطالب به من وزارة المالية حوالي عشرين مليون ليرة تقريبا وهي تساوي تقريبًا نصف مليون دولار وانتهى دفاع الشركة المحتكمة إلى طلب الحكم بأحقية الشركة المشتركة التمتع بسائر المزايا والإعفاءات والضمانات المعطاة لاستثمار المال العربي والأجنبي بموجب القوانين النافذة بهذا الشأن أيًا كان تاريخ إصدار ونفاذ هذه القوانين وإلزام المدعى عليهما بصفتهما بذلك وبنفقات التحكيم والمصاريف وأتعاب المحاماة بما فيها نفقات سفر ممثل الشركة المحتكمة من الجمهورية (الآسيوية) وإليها.

وفى معرض الدفاع عن المحتكم ضدهما قدم الدفع بعدم ولاية هيئة التحكيم للبت في النزاع تأسيسًا على أن النزاع الماثل ليس قائمًا بين حكومة الجمهوريتين الآسيوية والأفريقية أو بين المساهم الأفريقي والمساهم الآسيوي في هذه الشركة كما أن النزاع المذكور لا يتعلق باتفاقية تأسيس تلك الشركة ولا بنظامها الأساسي، وإنما يقوم النزاع الماثل بين شركة مساهمة من شركات القطاع الخاص في البلد الآسيوي وبين وزارة المالية الآسيوية – التي ليست طرفا في شرط التحكيم – حول مدى أحقية هذه الوزراة في استيفاء رسم الطابع على معاملاتها مع الغير.

والرسوم الجمركية على السيارات التي تستوردها، فضلًا عن أن هذه الشركة الخاصة التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة هي المستفيدة من الحكم بعدم أحقية وزارة المالية باستيفاء الرسوم موضوع هذه القضية التحكيمية، وليس فقط المساهم الأفريقي كما أن اختصام وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لا سند له إذ أنه لا شأن لها بالنزاع الماثل ومن ثم لا يجوز اختصامها فقد اقتصر دور وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية على تمثيل الحكومة في التصديق على الاتفاقية وانتهى دوره بعد قيام الشركة. هذا فضلًا عن أن الشركة التي تم تأسيسها شركة مساهمة من شركات القطاع الخاص ومن ثم لا مبرر لمخاصمة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في الدعوى الماثلة. وأكد الدفاع على عدم صحة تمثيل المساهم الأفريقي في الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية تأسيسًا على أن الرسالة الموجهة إلى هيئة التحكيم والتي ينسب مرسلها لنفسه صفة رئيس مجلس الإدارة – المدير العام للشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية بالاستناد إلى قرار السيد / أمين اللجنة الشعبية العامة رقم 494 تاريخ 11/8/1992 “لا تكفي لإضفاء الشرعية على صحة تمثيلة للشركة المذكورة أمام القضاء والهيئات التحكيمية لأن الرسالة المذكورة ليست لها حجية قضائية. ولأن المادة العاشرة من قانون إنشاء الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية تنص على أن “يتولى إدارة الشركة مجلس إدارة من خمسة أعضاء بينهم الرئيس … يصدر بتعيينهم قرار من اللجنة الشعبية العامة، بناء على عرض أمين اللجنة العامة للخزانه، ويكون تعيين كل من رئيس وأعضاء مجلس الإدارة لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ التعيين، وتجوز إعادة تعيين رئيس وأعضاء مجلس الإدارة”.

ومن ثم فإن إدارة الشركة يتولاها مجلس الإدارة المكون من خمسة أعضاء بينهم الرئيس، وليس الرئيس وحده ويصدر بتعيينهم قرار من اللجنة الشعبية العامة، وليس من أمين اللجنة الشعبية العامة، كما ورد ذلك في تلك الرسالة وبناءً على عرض أمين اللجنة الشعبية العامة للخزانة. فضلًا عن أن تعيين أعضاء مجلس الإدارة بمن فيهم الرئيس، ويكون لمدة خمس سنوات، وبالتالي تكون ولاية المذكور منتهية حكما بعد انقضاء خمس سنوات على تاريخ تعيينه الواقع في 11/8/1992، ما لم يقدم قرارًا من اللجنة الشعبية العامة بإعادة تعيينه، وبتفويضة منفردا بتمثيل الشركة أمام القضاء والهيئات العامة، ومن ثم فليست له صفه تمثيل المساهم الأفريقي في الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية كما أنه ليست له صفه تفويض الغير في توكيل محام عن الشركة المحتكمة خاصة وأن المستند المرفق بالوثيقة رقم /2/المرفقة بمذكرة الدفاع المؤرخة في…  يشير إلى أن السيد…  هو رئيس مجلس إدارة الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية، وهي شركة مساهمة من شركات القطاع الخاص في البلد الآسيوي، في حين أن الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية هي شركة من شركات القطاع العام المملوكة كلها للدولة (المادة /5/ من قانون إنشاء الشركة المذكورة) ويفترض بأن مصالحها متضاربة مع مصالح الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية، ما دامت هذه القضية التحكيمية مؤسسة على وجود خلاف بين المساهم الأفريقي المتمثل بهذة الشركة، وبين المساهم الآسيوي المتمثل بحكومة الجمهورية الآسيوية، يتعلق باتفاقية التأسيس فإن الشك يثور بشأن صحة تمثيل السيد… للشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية (وبالتالي، تمثيل المحامي الأستاذ.. لها) مع تمثيله في آنٍ واحد للشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية. كما يشير إلى أن الخلاف في حقيقته قائم بين شركة خاصة محلية وبين وزارة المالية في الحكومة الآسيوية.

أما من حيث الموضوع فقد جاء في مذكرة الدفاع عن المحتكم ضدهما أن منح المزايا الإضافية لشركات الاستثمار يكون بموجب قوانين تشجيع الاستثمار ويقصد بها القوانين العامة لتشجيع الاستثمار، مثل قانون تشجيع الاستثمار رقم/10/ لسنة 1991، واتفاقية رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية التي صدقت الدولة الآسيوية عليها بموجب المرسوم التشريعي رقم/59/لسنة 1971، والاتفاقية الموحدة لاستثمار الأموال العربية في الدول العربية التي صدقت عليها الدولة الآسيوية بالقانون رقم /27 لسنة 1986، وليس بموجب القوانين الخاصة المتضمنة اتفاقيات ثنائية مع بعض الشركات، مثل الاتفاقية مع السعودية وغيرها. وهذا مايفسر تجنب الشركة طالبة التحكيم التعرض للقوانين العامة لتشجيع الاستثمار التي لا تمنحها في الواقع أي مزايا إضافية عما هو وارد في اتفاقية تأسيسها، وتأسيس دفاعها على التمسك بتلك الاتفاقيات الخاصة.

والتفسير المرجح للمادة 7 من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة أن المزايا والإعفاءات التي قد تتمتع بها الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية إنما هي تلك التي كان معمولًا بها بتاريخ صدور المرسوم التشريعي رقم 17تاريخ 11/5/1978، والمتضمن تصديق اتفاقية تأسيس الشركة المذكورة على أساس أن النص يتحدث عن المزايا والإعفاءات التي تقررها قوانين تشجيع استشمار رأس المال العربي والأجنبي التي ينصرف معناها إلى الماضي والحاضر وإلا فإن المشرع كان يمكن أن يضيف عبارة “والتي ستصدر” للدلالة على سريانها بالنسبة للمستقبل.

وبالنسبة للمرسوم التشريعي رقم 12تاريخ 12/2/1974 المتضمن التصديق على اتفاقية بين الجمهورية الآسيوية والشركة الأسبانية فإن الشركة المحتكمة لا تستفيد من أحكامه بصدور المرسوم التشريعي الخاص بها بتاريخ 11/5/1978 فضلًا عن أن المادة 26/1 من المرسوم التشريعي رقم12 المشار إليه لا يتضمن أي نص على الإعفاء من “رسم الطابع” على العقود المبرمة مع الغير، لاقتصار الإعفاء الوارد فيها، بالنسبة للرسوم، على الرسوم الجمركية والرسوم المالية والرسوم البلدية، وأضافت مذكرة دفاع الدولة الآسيوية أن “رسم الطابع” لا يدخل في إطلاق اصطلاح (الرسوم المالية) ذلك أن التعداد الوارد على سبيل الخصر في المادة المذكورة لأنواع الرسوم المشمولة بالإعفاء، وهي الرسوم الجمركية والرسوم المالية والرسوم البلدية، ولو أن “رسم الطابع” يدخل في إطلاق اصطلاح الرسوم المالية لما كان هناك حاجة للتعداد الذي ورد في النص ما دامت جميع الرسوم في حقيقتها رسوما مالية ذلك أن المشرع الآسيوي أصدر تشريعات خاصة لكل نوع من تلك الرسوم.

أما بالنسبة للإعفاء من الرسوم الجمركية على السيارات الوارد في المادة 26/1سالفة الذكر، فإنه لا يشمل سوى السيارات المملوكة للشركة بتاريخ تأسيسها، ولا يشمل السيارات التي تستوردها الشركة فيما بعد، إذ تخضع تلك السيارات للقيود المنصوص عليها في القوانين العامة لتشجيع الاستثمار. أما ما ورد في دفاع الشركة المحتكمة بشأن القانون رقم 13تاريخ 7/3/1974 المتضمن التصديق على العقد المبرم بين الشركة الكويتية والشركة العامة للنفط فإن الإعفاء المنصوص عليه في المادة الثانية من هذا القانون إنما يتناول “المشروع” دون غيره، نظرًا لصراحة النص (يعفى المشروع..) ولا مجال للتفسير والتأويل في معرض النص الواضح والصريح فضلًا عن أن المرسوم التشريعي رقم17صدر بتاريخ 11/5/1978 متضمنا التصديق على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة.

وأضافت مذكرة الدفاع عن المحتكم ضدهما أنه بفرض وجود نص في بعض الاتفاقيات الخاصة المصدق عليها بمقتضى قوانين تتضمن إعفاء سيارات الشركات والمعينة بتلك الاتفاقيات من الرسوم الجمركية، فإن ذلك يكون فقط بالنسبة للسيارات التي تملكها تلك الشركات عند تأسيسها ولا يتناول السيارات التي تستوردها فيما بعد، وذلك لأن المشرع أورد نصوصًا تشريعية خاصة تتعلق بوسائل النقل التي تملكها تلك الشركات (أي عند تأسيسها) وبوسائل النقل التي تستوردها فيما بعد. وآية ذلك أن نص المادة 12 من اتفاقية تأسيس الشركة مع السعودية للاسثمارات الصناعية والزراعية، المصدقة بالمرسوم التشريعي رقم 38تاريخ 4/3/1976 خصص المشرع في شأنها الفقرة (أ) منها بالآلات والمعدات وسائل النقل التي تملكها الشركة (أي في ذلك التاريخ) كما خصص الفقرة (ب) منها بما تستورده من تلك الآلات والمعدات ووسائل النقل، ولم ينص فيها على الإعفاء من الرسوم الجمركية وغيرها، بل استثناها فقط من أحكام الحصر والتقييد ومن نظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ.

وجدير بالذكر أنه بالرجوع إلى المادة 12 من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية يلاحظ أنها نسخة من المادة 12 من اتفاقية تأسيس الشركة مع السعودية للاستثمارات الصناعية والزراعية باستثناء عدم ورود عبارة “وسائل النقل” في الفقرة (أ) منها. مما يؤكد نية المشرع بعدمإعفاء وسائل النقل التي تستوردها الشركة من الرسوم الجمركية.

أما ما ورد في مذكرة الدفاع عن الشركة المحتكمة فيما يتعلق بالمرسوم التشريعي رقم 26تاريخ 3/7/1982 بشأن إعفاء الشركات المتعاقدة مع وزارة النفط والثروة المعدنية والشركة الآسيوية للنفط من بعض الضرائب والرسوم فإنه بصرف النظر عن أن المرسوم التشريعي المذكور صادر بعد المرسوم التشريعي رقم 17 تاريخ 11/5/1978 بالتصديق على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة، وليس له أثر رجعي، فإن المرسوم التشريعي رقم 26 قد حصر الإعفاء من بعض الضرائب والرسوم في مرحلة التنقيب والاستكشاف (المادة الأولى من المرسوم التشريعي المذكور) مما يتعين معه استبعاد إمكان تطبيقه في الدعوى الماثلة. وانتهت مذكرة دفاع المحتكم ضدهما إلى طلب الحكم برفض طلبات الشركة المحتكمة، إن لم يكن شكلًا، فموضوعًا، بما فيها طلب الحكم بإلزام المحتكم ضدهما بسداد نفقات سفر المحامي الأستاذ /…. التى قدرها بمليون ليرة وإلزام الشركة المحتكمة بنفقات التحكيم كاملة بما فيها أتعاب رئيس وعضوي هيئة التحكيم ونفقات سفر الدفاع عن الدولة الآسيوية التي ترك ممثل الدفاع عنها تقديرها لهيئة التحكيم.

وحيث أنه وردت مذكرة تكميلية من دفاع المحتكم ضدهما تضمنت ترديد ما سبق أن أبداه في مذكرتية السابقتين وفي مرافعاته الشفوية وأن الدفاع يمثل المحتكم ضدهما ولكن الخصومة الموجهة إليها غير صحيحة فإنه وأن كانت كل من وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة إلا أنه يجب أن يكون الخصم الحقيقي هو حكومة الدولة الآسيوية أحد طرفي اتفاقية التأسيس ومن ثم تكون الدعوى التحكيمية الماثلة جديرة بالرفض شكلًا لعدم صحة خصومة طرفي الجهة المحتكم ضدهما. وأضافت أنه مع الاقرار بصحة خصومة الجهة طالبة التحكيم فإن صكي توكيل ممثليها يتسم بالبطلان وأنه فضلًا عما أثاره دفاع المحتكم ضدهما في هذا الصدد فإن المحامي لم يحصل على إذن من وزارة الداخلية لدفاعه عن شركة أجنبية هي الشركة المحتكمة وأن قانون الدولة الآسيوية هو القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة والذي تنص المادة (73) من قانون تنظيم المحاماة فيه على امتناع قبول وكالة جهة أجنبية قبل الحصول على إذن من وزارة الداخلية وهذا الحكم واجب التطبيق وفقا للمادة 20/1 من القانون المدني التي توجب سريان قانون الدولة التي جرى فيها التعاقد أو إبرام الوكالة فضلًا عن أن التفويض الممنوح عبارة عن ورقة غير رسمية لا يجوز إثبات صحة التوقيع عليها، وأن الفاكس الوارد من السيد/…… إلى هيئة التحكيم لا يكفي لإضفاء الشرعية على صحة تمثيل…. المحامي لأنه ورقة عرفية.

وحيث أن الدفاع عن المحتكم ضدهما دفع بعدم جواز إلزام طرفي التحكيم بقواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي “اليونسترال” دون موافقتهم الخطية وفقًا لأحكام المادة (1) من تلك القواعد، والتي تجيز لطرفي التحكيم إدخال أي تعديلات عليها، وأن تكون الأولوية للقانون الواجب التطبيق على التحكيم إذا تعارض مع هذه القواعد، هذا فضلًا عن أن المادة (510) من قانون أصول المحاكمات في الدولة الآسيوية تنص على ضرورة تحديد موضوع النزاع في صك التحكيم أو في أثناء المرافعة وإلا كان التحكيم باطلًا وهكذا فإنه مع عدم موافقة الطرفين الخطية على إبرام هذا الصك وعدم تحديد موضوع النزاع فيه يغدو التحكيم الماثل باطلًا، وعلى أية حال فإن المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة ترخص لهيئة التحكيم في وضع قواعد الإجراءات التي تتعلق بإدارة الجلسات واستحضار الخصوم وغيرها ولا يجوز للهيئة التوسع في تفسير عبارة الإجراءات الواردة في النص المشار إليه بحيث تشمل نظام تحكيم معين كنظام لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي.

وحيث أن المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة تنص في فقرتها الثانية على أن “تضع لجنة التحكيم قواعد الإجراءات الخاصة بها دون التقيد بقانون الأصول في أيٍ من الدولتين”. وحيث أن موافقة كل من الدولتين طرفي الاتفاقية عليها وعلى نظامها الأساسي ينطوي على موافقة شاملة لكل مواردهما وشروطهما بما في ذلك الباب السابع من النظام الأساسي للشركة المشتركة والذي يتعلق بالمنازعات والذي يعتبر جزءًا لا يتجزا من الاتفاقية وفقا للمادة (6) منها، ولا يتطلب القانون موافقة خطية إضافية منهما للموافقة على سريان قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي إذ قررت هيئة التحكيم بالإجماع تطبيقها بجلسة 15يناير سنة 1998 دون تعديل أو اجتزاء بعضها للتطبيق دون البعض الآخر وذلك في البند الأول من قراراتها والتي أُبلغت للطرفين في حينه.

وحيث أن وضع مشارطة أو صك تحكيم بعد قيام النزاع قد يتطلب في بعض الأنظمة أن يحدد في المشارطة موضوع النزاع، ولا ينطبق بداهةً هذا الحكم في الأنظمة المذكورة إذا تضمن الاتفاق بين الطرفين “شرط تحكيم” كما هو الحال في الدعوى الماثلة لتطبيقه على “أي خلاف” يقوم بين الطرفين إذ يفترض في هذه الحالة عدم معرفة نوعيات الخلاف والمنازعات وقت إبرام اتفاق التحكيم. وحيث أنه لا محل في هذه الحالة لبحث حكم المادة (510) من قانون أصول الماكمات الآسيوي إذ حررت الماده (52) في فقرتها الثالثة “لجنة التحكيم” من التقيد بقانون الأصول في أي من الدولتين، فضلًا عن أن حكم المادة (510) المشار إليها يطبق على نحو ما سبقت الإشارة إليه على مشارطة التحكيم دون الحالات التي يدرج فيها اتفاق الطرفين “شرط تحكيم” على نحو ما هو ثابت في الدعوى الماثلة،

وحيث أن قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي (اليونسترال) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر سنة 1976 بعد أن أعدتها لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي ووافقت عليها الدول الأعضاء فيها بإجماع الآراء، كلها قواعد إجرائية تتناول في واحد وأربعين مادة موزعة على أربعة أجزاء الإجراءات التحكيمية منذ بدايتها حتى صدور الحكم في الدعوى التحكيمية فيتناول الجزء الأول نطاق التطبيق، ويتناول الجزء الثاني كل ما يتعلق بالمُحكَمين ويتناول الجزء الثالث إجراءات الدعوى التحكيمية، ويتناول الجزء الرابع القواعد الخاصة بإصدار الحكم التحكيمي (أنظر في ذلك).

Isaac I. Dove، Arbitration and Conciliation under the UNCITRAL Rules, 1986 H.smit Arbitratino Rules issued by International Institution (1977).

وليس ثمة مجال للشك في أن اعتماد هيئة التحكيم لهذه القواعد ينطوي على اعتماد كامل لها فليس ثمة أساس قانوني لتطبيق أي قواعد إجرائية أخرى ولو بصفة جزئية، إذ كان قرار هيئة التحكيم على اختيار هذه القواعد مطلقًا وفي إطار ترخيص وموافقة طرفي الاتفاقية على ذلك من خلال اتفاق التحكيم، ومن ثم فلا تخصيص بغير مخصص. وحيث أنه بناء على ماتقدم فإن الدفع بعدم جواز تطبيق قواعد الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي على الدعوى الماثلة يغدو قائما على غير أساس متعين رفضه. وحيث أن هيئة التحكيم قررت في جلسة 22 أغسطس سنة 1998 ضم الدفوع الشكلية التي أبداها الدفاع عن المحتكم ضدهما إلى الموضوع ليقضي فيها بحكم واحد.

وحيث أن دفع ممثل المحتكم ضدهما بعدم قبول الدعوى التحكيمية شكلًا لعدم صحة خصومة أطراف التحكيم أسس على أن الخصومة ينبغي أن لا تخرج عن الطرفين المؤسسين للشركة وهما الحكومتان الآسيوية والأفريقية، وأنه مع التسليم بأن الشركة المحتكمة تمثل الحكومة الأفريقية فإن رئيس الحكومة الآسيوية أو رئيس مجلس الوزراء هو الذي كان يجب أن يختصم في الدعوى التحكيمية ذلك أن وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ومع التسليم بأن لكل منهما شخصية معنوية مستقلة فإن أيًا من الوزارتين لا تمثل الحكومة الآسيوية في موضوع الدعوى الراهنة فلكل منهما بمقتضى القواعد التي تنظم صلاحياته مجالات اختصاص محددة، وأنه وأن كانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية هي التي كلفت بتمثيل الحكومة الآسيوية في التوقيع على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة إلا أن صلتها بالشركة وبالموضوع برمته انقطعت بعد انتهاء أدائها للتكليف ومن ثم لا يجوز اختصام وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية باعتباره ممثل الحكومة الآسيوية في التوقيع على اتفاقية التأسيس.

وفي دعمه لوجهة نظره بشأن هذا الدفع أضاف ممثل المحتكم ضدهما أن الدعوى التحكيمية في حقيقتها تقوم على نزاع بين وزارة المالية الآسيوية وبين الشركة المشتركة التي تضم الطرفين وهو نزاع يقوم بين الوزارة المذكورة وبين شركة مساهمة من القطاع الخاص تخضع للقانون (الآسيوي) وتتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن الطرفين المؤسسين لها وهي بداهة ليست طرفًا في اتفاقية التأسيس ومن ثم فهي ليست طرفًا في اتفاق التحكيم. وحيث أن الخصومة في الدعوى الماثلة أُقيمت من المحتكمة (الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية) ضد المحتكم ضدهما.

وحيث أن صحة أو بطلان خصومة أي من الطرفين لا يستند إلى قبول أو رفض الطرف الآخر وانما يقوم على حكم القانون الذي يجب على الهيئة أن تسبر غوره وتقضي في شأنه ذلك أن بطلان خصومة طرف ما لا يصححه تنازل الطرف الآخر عن إثارته.

وحيث أن بحث صحة خصومة المحتكمة يقتضي تقصي ذلك في قواعد اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة والنظام الأساسي لها فضلًا عن حكم القانون.

وحيث أن المادة (15) من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة تنص على أن “لأيٍ من طرفي الاتفاقية حق التصرف في حصته في رأس مال الشركة لشخص طبيعي أو معنوي يحمل جنسيته دون خضوع لأية قيود مالية أو قانونية أو ضريبية” وهو ما قررتة المادة 7 من النظام الأساسي. وحيث أنه استنادًا إلى هذا الترخيص صدر في الدولة الأفريقية القانون رقم (6) لسنة 1981. بشأن إنشاء المحتكمة (الشركة الأفريقية للاستثمارات الخارجية) ونص في المادة الثالثة منه أن “أغراض الشركة هي استثمارات الأموال خارج الدولة الأفريقية” كما نصت المادة السابعة من القانون المذكور على أن “تحل الشركة محل الجهات إلى آلت إليها مساهماتها واستثماراتها الخارجية القائمة وقت العمل بهذا القانون، وذلك في ما لها من حقوق وما عليها من التزامات”.

وحيث أن المادة (328) من القانون المدني للدولة الآسيوية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84فى 18/5/1949 تنص على أن “من حل قانونًا أو اتفاقًا محل الدائن كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص، وما يلحقه من توابع، وما يكلفه من تأمينات، وما يرد عليه من دفوع ويكون هذا الحلول بالقدر الذي أداه من ماله من محل الدائن” وهذا النص يطابق تمامًا نص المادة (316) من القانون المدني الأفريقي. (أنظر في المقارنة في هذا الصدد بين التشريعات العربية د.عبد الرازق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني (3) نظرية الالتزام بوجه عام – الأوصاف – الحوالة – الانقضاء طبعة بيروت ص688 وما بعدها.

وحيث أن مفاد ما تقدم أن المحتكمة قد حلت وفقا للمادة (7) من النظام الأساسي والمادة (15) من اتفاقية التأسيس وطبقًا لأحكام القانون محل الطرف الأفريقي بكامل حقوقه مضطلعة بكامل التزاماته ومن ثم يصبح اختصامها للطرف الآسيوي. وحيث أن الدفاع عن المحتكم ضدهما نازع في صحة خصومة المحتكم ضدهما تأسيسًا على أن لكل من الوزارتين المحتكم ضدهما شخصية معنوية مستقلة ولها اختصاصات محددة وفقًا للنظام القانوني (الآسيوي) وأن أيًا منهما لا يجب اختصامه في الدعوى الحالية ذلك أن وزير المالية لم يكن هو الطرف الموقع على اتفاقية التأسيس كما أن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وقع على الاتفاقية المذكورة عن الحكومة (الآسيوية) ولكن انقطعت صلته بالأمر بعد ذلك ولذلك فإن الذي كان يجب اختصامه هو رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء. وحيث أن البين من مطالعة اتفاقية التأسيس أن حكومة الجمهورية الآسيوية كانت الطرف الثانى في الاتفاقية، وقد وقع عنها ممثلًا لها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية. وحيث أن البادي أنه وإن كان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية تتمتع وزارته بالشخصية المعنوية – على نحو ما ذكر الدفاع عنه – إلا أنه وقع عن الدولة الآسيوية ممثلًا لها على الاتفاقية باعتبارة أحد أعضاء الحكومة ذلك أنه لم يثبت في وثائق الاتفاقية ما يدل على تفويضه بالتوقيع عن شخصية معنوية مستقلة أخرى الأمر الذي يحمل على الاعتقاد أنه بحكم منصبه في الحكومة يمثلها في هذا المجال وأنه قد وقع على الاتفاقية باعتباره أحد أعضاء الحكومة وأنه يدخل في صلاحياته بحكم منصبه التوقيع عليها في هذا المجال ممثلًا لها.

وحيث أن شخصية الدولة وأن كانت شخصية معنوية واحدة إلا أن الدولة تسبغ على بعض وحداتها المصلحية أو الإقليمية شخصية معنوية تعينها على ممارسة اختصاصاتها وتيسر لها القيام بواجباتها وأن تختصم وتخاصم قضائيًا في مجالات اختصاصاتها، إلا أن ذلك لا يعني إطلاقًا أن الوزارات أو المصالح أو الأقاليم التي تمتعت بالشخصية المعنوية أصبحت جزرًا مستقلة تمامًا عن كيان الدولة وإشرافها ومسؤوليتها عنها، وعلى وجه الخصوص فإن ذلك لا يعني أن وزراء الحكومة وأعضاءها تنحسر عنهم صفة تمثيلها وخاصة في مجالات اختصاصاتهم يؤكد ذلك أن المادة 115 من الدستور في الدولة الآسيوية تنص على أن مجلس الوزراء هو الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة ويتكون من رئيسمجلس الوزراء ونوابه والوزراء ويشرف على تنفيذ القوانين والأنظمة” وهو ما يبين منه أن مسؤولية مجلس الوزراء مسؤولية تضامنية وأن الوزير المختص يمثل الحكومة في مجال اختصاصه وهو ما يتسق مع حكم المادة 119 من الدستور في الدولة الآسيوية التي تنص على أن “الوزير يتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة فيما يختص بوزارته”. وذلك أيضاً يتسق مع ما نصت عليه المادة (25) من قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 وتاريخ 28/9/1953 والتي تنص على أن تسلم الأوراق المطلوب تبليغها للدولة للوزراء…  فهم الذين يمثلون الدولة والحكومة في مجالات اختصام الدولة كسلطة عامة.

هذا، ومن الجدير بالذكر أنه وفقا للقانون رقم55 لسنة 1977 المتضمن أحداث إدارة لقضايا الدولة الآسيوية، وأصبحت هذه الإدارة هي التي تختص بالتبليغ عن الوزراء. هذا وعلى أية حال فإنه في مجال تنفيذ الاتفاقيات الدُولية كاتفاقية تأسيس الشركة المشتركة ليس ثمة ضرورة لتوجيه الدعوى لرئيس مجلس الوزراء ذلك أن توجيه الدعوى إلى وزير أو أكثر في الحكومة في مجالات اختصاصهم بالفعل يحدث أثره القانوني على المستوى الدُولي على أساس أن المستقر في القانون والقضاء الدُوليين تطبيقًا للمادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، التي انضمت إليها الجمهورية (الآسيوية) في 9/8/1970 (نشرت في الجريدة الرسمية العدد 34 لسنة 1970) أن الدولة لا تستطيع أن تستند إلى القانون الداخلي بجميع فروعه، للرد على أي دعوى تتعلق بالقانون الدُولي أو باتفاقية دُولية.

وحيث أن الثابت من الأوراق أن وزارة المالية هي التي تتولى المطالبة بالرسوم الجمركية ورسم الطابع تنفيذًا لاتفاقية التأسيس، كما أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تتولى كذلك الإشراف على تنفيذ هذه الاتفاقية وذلك على نحو ماثبت من الأوراق ومن صور المراسلات المقدمة من المحتكمة من أن وزارة المالية بالدولة الآسيوية كانت توجه مطالباتها للشركة المشتركة عن طريق وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ومن ثم فإن توجيه الخصومة إلى المحتكم ضدهما يقوم وفقا لكل ما تقدم على سند صحيح من القانون ومن ثم يصح اختصامهما. وحيث أنه بالبناء على ماتقدم فإنه يبين أنه لا عوار في خصومة أي من طرفي الدعوى الماثلة ويكون الدفع بعدم صحة خصومة التحكيم ضدهما قائمًا على غير أساس ومتعينًا رفضه.

وحيث أن تصوير ممثل المحتكم ضدهما للدعوى الماثلة بأنها في حقيقتها تقوم على نزاع بين وزارة المالية (الآسيوية) وبين الشركة المشتركة وهي شركة مساهمة من شركات القطاع الخاص تتمتع بالشخصية المعنوية وليست طرفًا في اتفاق التحكيم هو تصوير يدحضه الواقع ذلك أن الشركة المشتركة لم تختصم في الدعوى الماثلة ولا أساس لتكييف الدعوى على هذا الأساس.

وحيث أن حق الشركة المدعية في إقامة الدعوى الماثلة حق ثابت بموجب اتفاقية التأسيس ونظامها الأساسي. ذلك أنه وإن كان الحكم للشركة المحتكمة بطلباتها تفيد منه الشركة المشتركة ككل إلا أن الطرف الأفريقي في الشركة المذكورة له بيقين مصلحة قانونية في إقامة الدعوى الماثلة ذلك أن عائد مساهماته المالية سيتأثر يقينًا بما ينتهي إليه الحكم في هذه الدعوى، وإذ كانت له مصلحة قائمة يقرها القانون فإن دعواه الماثلة تكون قائمة على أساس.

وحيث أن ممثل المحتكم ضدهما دفع ببطلان تمثيل المحتكمة تأسيسًا على أنه من الضروري إبراز بيان مصدق عليه من سجل الشركات في الدولة الأفريقية يبين اسم رئيس مجلس إدارة الشركة المحتكمة إذ صدر توكيل من السيد/…..  باعتباره رئيسًا لمجلس الإدارة للسيد الأستاذ الدكتور/(أ) المحامي، على حين صدر التوكيل للسيد الأستاذ/ (ب) المحامي من السيد/…..،  كما يجب إثبات أن رئيس مجلس إدارة الشركة المحتكمة مفوض بإصدار توكيلات بشأن التحكيم فضلًا عن أن التفويض الصادر للسيد/… لتوكيل محام عبارة عن ورقة عرفية لا حجية لها وأن السيد الأستاذ / (ب) المحامي، لم يستأذن وزارة الداخلية، وفقا لحكم القانون الآسيوي للدفاع عن جهة أجنبية.

وحيث أن ممثل المحتكم ضدهما أضاف إلى ما تقدم أن السيد /…. رئيس لمجلس إدارة الشركة المشتركة وهي شركة قطاع خاص، في حين أن المحتكمة شركة قطاع عام وهناك تعارض في تمثيله لكل منهما. وحيث أن البين من واقعات الدعوى أنه لا تعارض في المصلحة التي يمثلها السيد/…. كرئيس مجلس إدارة الشركة المشتركة والمصلحة التي يمثلها كمفوض عن الشركة المدعية.

وحيث أن هيئة التحكيم اطلعت على التوكيل الصادر للسيد الأستاذ الدكتور /(أ) المحامي وثبت منه إبرامه أمام محكمة… بحضور السيد/…..  بصفته رئيسًا لمجلس الإدارة والمدير العام للمحتكمة وبصفته المساهم الأفريقي في الشركة المشتركة وثبت من وثيقة التوكيل أنه موكل للمثول أمام هيئة التحكيم في الدعوى الماثلة وقد مهرت وثيقة التوكيل الرسمية بتوقيع رئيس المحكمة المختص وبخاتم الدولة الأفريقية وحيث أن إثبات التوكيل السابق على هذا النحو في وثيقة رسمية ثبتت فيها صفة الموكل أمام القاضي المختص الذي يتحقق من هذه الصفة قبل التصديق على التوكيل المذكور يدحض الأسانيد التي شككت في صفة الموكل وفي صحة التوكيل. وحيث أن هذا يكفي وحده للقضاء بصحة تمثيل الشركة المحتكمة ومن ثم يغدو الدفع ببطلان تمثيلها غير قائم على أساس متعين الرفض. وحيث أن ما أُثير بشأن وكالة السيد الأستاذ /(ب) المحامي عن الشركة المحتكمة أسس على ما يقضي به القانون الآسيوي بشأن توكيل محام من وجهة نظر ممثل المحتكم ضدهما. وحيث أن النيابة عن الخصوم في الدعوى الماثلة من الأمور الإجرائية التي تخضع للقواعد واجبة التطبيق على إجراءات هذه الدعوى. وحيث أن الهيئة قررت تطبيق قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي (اليونسترال)، ومن ثم فليس ثمة أساس قانوني لتطبيق القانون (الآسيوي) في هذا الشأن.

وحيث أن المادة (4) من قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي قد وردت تحت عنوان: للنيابة والمساعدة” ونصت على ما يأتي: “يجوز أن يختار الطرفان أشخاصًا للنيابة عنهما أو لمساعدتهما…..”

وحيث أن المادة سالفة الذكر لا تشترط حتى أن يكون ممثلو الأطراف من المحامين كما لا تشترط أي أوضاع رسمية أو غير رسمية لنيابتهم عن الأطراف أو لمساعدتهم لهم. وكانت صياغة المادة المذكورة الأصلية تنص على الترخيص للأطراف بأن يمثلوا بمحامين أو وكلاء، ولكن هذه الصياغة أُلغيت ووافق على النص الحالي الذي يسمح بأن يختار الأطراف للدفاع عنهم أو لمساعدتهم أي شخص وبدون شروط إجرائية.

أنظر في ذلك:

Report of THE Secretary General Of THE UN, DOC. A/CN.9/112 ADD,1. AT 168

أيضاً:

Report of THE United Nations Commission on International Trade Law ON THE Work 9 of its ninth session (New York ,12Apr-7May 1976 Annex II AT165.)

وانظر أيضاً:

ISAAK I. Dore، Arbitration Under The UNCITRAL RULES:A TEXTUAL ANALYSIS – 1968.

وذلك في تعليقه على المادة 4 من قواعد اليونسترال ص48

وحيث أن المستشار القانوني للشركة المحتكمة قد حضر جلسة مع المحامين عنها (أ،ب) وقد حضر الجلسة المشار إليها ممثل المحتكم ضدهما ولم يبد منه أي اعتراض على حضور أو على صفة مستشار المحتكمة كمندوب عنها وعلى استعانته بصفته بأي منهما في هذه الجلسة أو في أي مرحلة حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى. وحيث أن حضور المستشار القانوني للشركة المحتكمة مع المحاميين دلالة لا يرقى إليها الشك على تكليف الشركة المحتكمة للأستاذ /…. (المحامي ب) بالمساعدة في الدفاع عنها. وحيث أن اشتراط استئذان الأستاذ/ (ب المحامي) وزارة الداخلية (الآسيوية) أمر لا توجبه قواعد اليونسترال، ومن ثم فلا أثر له على إجراءات الدعوى الماثلة. وحيث أنه تأسيسًا على ما تقدم تغدوالدفوع الشكلية التي ابداها ممثل المحتكم ضدهما في مجملها غير قائمة على أساس حقيقة بالرفض.

وحيث أن موضوع الدعوى يتمثل في مطالبة الشركة المحتكمة بتفسير نصوص اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية التي أبرمت بين الحكومتين في 21يناير سنة1978 وصدق عليها بالمرسوم التشريعي رقم17 وتاريخ 11مايو سنة1978 لبيان مدى قانونية مطالبة حكومة الدولة الآسيوية للشركة المشار إليها بأداء الرسوم الجمركية على وسائل النقل التي تملكها ومدى قانونية إلزامها بسداد الطابع على معاملاتها.

وحيث أن الفصل في طلبات الشركة المحتكمة يتطلب دراستها في ضوء نصوص اتفاقية التأسيس سالفة الذكر بالإضافة إلى نصوص اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية التي أُبرمت في 29/8/1970. وحيث أن المادة (7) من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة تنص على أن “تتمتع الشركة بالمزايا والإعفاءات والضمانات التي تقررها قوانين تشجيع استثمار رأس المال العربي والأجنبي الصادرة في الجمهورية (الآسيوية) كما تنص المادة (11/2) على أن “تُعفى أسهم الشركة من رسم الطابع” وتنص المادة(12-أ) على أن “تُعفى الآلات والمعدات التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم”. ونصت الفقرة (ب) من المادة الأخيرة على أن يكون “للشركة أن تستورد مباشرة جميع احتياجاتها من الآلات والتجهيزات والمعدات والآليات وسيارات العمل والمواد الأولية اللازمة لإقامة مشاريعها أو توسيعها وكذلك المواد الأولية اللازمة لعمليات تشغيل مشاريعها وذلك استثناء من أحكام الحصر والتقييد ومن نظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ”.

وحيث أنه بتاريخ 29/8/1970 وقبل التصديق على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة بما ينوف عن ثماني سنوات صدر قرار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية رقم 465 في دورته العادية الخامسة عشرة بالموافقة على اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية، وقد صدر القرار المذكور في اجتماع استضافته حكومة الدولة الآسيوية وذلك انطلاقًا من توجيهاتها التي حملت مسؤولية ريادة العمل العربي المشترك بجميع أبعاده. وكانت الحكومتان الطرفان قد صدقتا على هذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ وفقا للمادة الثانية عشرة منها بمجرد أن صدقت عليها ثلاث من الدول الإحدى عشر الموقعة عليها وهي بحسب ترتيبها أبجديا:

         المملكة الأردنية الهاشمية – دولة الإمارات العربية المتحدة.

         جمهورية السودان الديمقراطية – الجمهورية العربية السورية.

         الجمهورية العراقية – فلسطين.

         دولة الكويت – الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية.

         جمهورية مصر العربية – الجمهورية الإسلامية الموريتانية.

         الجمهورية العربية اليمنية.

وقد جاء في ديباجة الاتفاقية الأخيرة أن الدول المنضمة إليها قد وقعت عليها رغبة منها في تحقيق ما ورد في ميثاق جامعة الدول العربية بتوثيق الروابط الاقتصادية والتعاون فيما بينها وجاء في المادة الأولى (ب) منها ما يأتي: “تبذل الأقطار المستوردة لرأس المال كل جهد وتقدم كل تيسير لاستثمار رأس المال العربي على سبيل التفضيل وفقا لبرامج التنمية الاقتصادية فيها”. كما جاء في المادة الثانية منها ما يأتي: “تعمل الدول الأعضاء على تشجيع استثمار رأس المال العربي في المشروعات الاقتصادية المشتركة دعمًا للتكامل بين الأقطار العربية” وجاء في المادة الرابعة منها ما يأتي: تلتزم الدول الأعضاء بمعاملة الاستثمارات العربية بدون تمييز في كافة المجالات المتاحة فيها بما لا يقل عن معاملة الاستثمارات الوطنية”. وجاء في المادة الخامسة ما يأتي: “تلتزم الدول الأعضاء بمعاملة الاستثمارات العربية بما لا يقل عن معاملة أية استثمارات أجنبية قد تمنحها الدول مزايا خاصة وتتمتع الاستثمارات العربية تلقائيًا بنفس تلك المزايا فور منحها”.

وحيث أن الاتفاقية الأخيرة وضعت الأسس والقواعد التي تشجع على استثمار رؤوس الأموال العربية في البلاد العربية وعلى تمتعها وفقًا للمادة الخامسة منها بجميع المزايا التي تمنح للاستثمارات الأجنبية، وعلى التزام الدول الأعضاء وفقا للمادة الرابعة بمعاملة الاستثمارات العربية بدون تمييز في كافة المجالات المتاحة فيها بما لا يقل عن معاملة الوطنية منها.

وحيث أن حاصل ما تقدم أن كلًا من المادة (7) من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة والمادة الخامسة من اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية تضع شرطًا أولى بالرعاية لصالح الاستثمارات العربية، كما تضع المادة الرابعة من الاتفاقية الأخيرة شرطًا بعدم التمييز بين الاستثمار العربية وحيث أن شرط الدولة الأولى بالرعاية قد استُخدم في الاتفاقيات الدُولية الثنائية والمتعددة الأطراف منذ فترة طويلة ليضمن لدولة أو لطرف آخر الحقوق والامتيازات التي تتمتع بها إحدى الدول المتعاقدة مع الدولة الطرف في اتفاقية الاستثمار محل البحث في مجالات نشاطات معينة، وقد أصبح لهذا الشرط بعدًا جديدًا بعد توقيع اتفاقية الجات، وبعد مولد منظمة التجارة العالمية وهو ما يخرج بحثة عن مجال الدعوى الماثلة. انظر في هذا الخصوص:

Lansing paul. the granting and suspension of the most favored-nation، Harvard international law v. 25 spring 1984, p.329-54.

v. wang، moost favored – nation treatment، journal of world trade vol. 30no. 1,p.91-124

ensrio trigiani، some thoughts on most favored treatment، the Italian yearbook of international law. p.124-14.

Rudaft dolzer and margrete stevens. bilateral investment treaties.

وغيرها. وحيث أن شرط الدولة الأولى بالرعاية في الاتفاقيات الدُولية الخاصة بالاستثمارات يقتضي المساواة بين حقوق وامتيازات الاستثمارات التي تمنحها الدولة الطرف في الاتفاقية التي تضمن هذا الشرط لدولة أو لطرف آخر وبين الاستثمار الذي يدّعي حرمانه من تلك الحقوق والامتيازات.

وحيث أن من أبرز الشروط التي ينبغي توافرها لانطباق شرط الدولة الأولى بالرعاية أن يكون هناك أيضاً تماثلًا بين نوعية الاستثمار الذي يدّعي حرمانه من الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها استثمار آخر في الدولة المضيفة وبين نوعية هذا الاستثمار الأخير، وذلك أن لكل استثمار خصوصية تفرده عن باقي الاستثمارات من حيث طبيعته ومدى ربحيته ومدى الإقبال عليه وسرعة دوران رأس المال فيه والظروف التي تحيط به فالاستثمار في الإنتاج الزراعي يختلف عن الاستثمار في مجال الإلكترونيات كما يختلف عن الاستثمار في مجالات أخرى كصناعة الحديد والصلب أو استخراج الثروات المعدنية وحتى هذه الأخيرة تتفاوت ظروف الاستثمار فيها فالاستثمار في مجال استخراج البترول يختلف عن الاستثمار في مجال استخراج الغاز الطبيعي أو الاستثمار في استخراج المعادن كالحديد والنحاس والذهب.

وحيث أن الصياغة المرسلة لهذا الشرط تعني تمتع مدّعي الاستفادة – عند توافر شروط التماثل – بالحقوق والامتيازات التي يتمتع بها الطرف المقيس عليه والقائمة بالفعل وقت إقرار الشرط وفي المستقبل ما لم تحدد صياغة الشرط مجالًا زمنيًا آخر. وحيث أن حاصل ما تقدم أنه من غير الجائز قانونًا المطالبة بتطبيق الامتيازات والحقوق التي تمنحها الدولة لاستثمار يعزف المستثمرون عادة عن الإقبال عليه لظروفه الخاصة على استثمارات أخرى يتنافس المستثمرون عليها لارتفاع نسبة ربحيتها ولظروفها المواتية.

وحيث أنه لكل أولئك فإنه لا يجوز القياس، في شأن المزايا التي تتمتع بها استثمارات في شركات لإنتاج الجرارات الزراعية والصناعية أو استثمار فندقي أو في مجال النفط، وبين استثمار في مجال صناعي زراعي. وحيث أنه ترتيبًا على ما تقدم فإن الاستثمارات التي استشهدت بها المحتكمة لا يحقق أي منها تماثلًا بينه وبين استثمار الشركة المشتركة في نوعية الاستثمار وذلك فيما عدا الاستثمار الذي صرح به بمقتضى اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة مع السعودية للاستثمارات الصناعية والزراعية والذي صدق عليه بمقتضى المرسوم التشريعي رقم 38 الصادر في 4/11/1976. وحيث أنه وإن كان اصطلاح “الآلات” الذي نصت عليه المادة (12أ) من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة في مجال نصها على الإعفاء من الرسوم الجمركية لايتسع مفهومه ليشمل بأي حال “السيارات أو وسائل النقل” إلا أن التساؤل مازال مطروحًا عما إذا كانت سيارات الشركة المشتركة ووسائل النقل اللازمة المملوكة لها تعفى من الرسوم الجمركية تأسيسًا على نص المادة (7) من اتفاقية التأسيس والمادتين الرابعة والخامسة من اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية قياسًا على ما تتمتع به الشركة المشتركة السعودية للاستثمارات الصناعية والزراعية من إعفاء مماثل. وحيث أن البادي من إطلاق عبارة نص المادة (7) من اتفاقية التأسيس وما تضمنته صياغة اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية وما نصت عليه صراحة المادة الرابعة منها أن الشركة المشتركة يحق لها التمتع بإعفاء سياراتها ووسائل النقل المملوكة لها من الرسوم الجمركية على نحو مماثل لما تتمتع به الشركة المشتركة مع السعودية والتي يماثل استثمارها استثمار الشركة المشتركة والتي ينص المرسوم التشريعي رقم 38 الصادر في 4/10/1976 الصادر بالتصديق عليها في المادة (12-أ) منه على أن “تُعفى الآلات والمعدات ووسائل النقل التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم”. وقد جاءت المادة الرابعة من اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان المشار إليها مؤكدة على عدم جواز التمييز في المعاملة بين الاستثمارات العربية.

وليس من شك في أن هذا هو ما كان منذ البداية في يقين كل من الطرفين حتى صدرت اتفاقية التأسيس خلوا من هذا الإعفاء، وهو ما دفع المشرع (في الدولة الآسيوية) إلى إصدار القانون رقم 21الصادر في 8/6/1990 والذي أشار في أسبابه الموجبة إلى أن المادة 12/أ من اتفاقية تأسيس الشركة والتي عرضت لإعفاء الآلات والمعدات التي تمتلكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم قد جاءت خلوا من الإشارة إلى الإعفاءات الجمركية على السيارات خلافا للنص المماثل الذي تضمنته اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة مع السعودية والذي نقلت أحكامه إلى اتفاقية الشركة المشتركة فسقط سهوًا الحكم الخاص بالإعفاء الجمركي على السيارات. ولا يقدح في ذلك صدور المرسوم التشريعي رقم 16 الصادر في 9/6/1990 الذي أنهى العمل بالقانون رقم 21 سالف الذكر تأسيسًا على أن القانون المذكور أعطى للشركة ميزة جديدة لم تكن متمتعة بها عند اتفاقية تأسيسها، وذلك دون أن ينفى أن نص الإعفاء الجمركي قد سقط بالفعل سهوًا، ودون أن ينفي كذلك أن حكم القانون يوجب التماثل بين الشركة المشتركة مع الطرف الأفريقي وبين الشركة المشتركة مع السعودية في هذا الإعفاء. وحيث أن هذا التشريع الداخلي لا يخل بحق الشركة المشتركة في التمتع بالإعفاء الجمركي على السيارات ووسائل النقل اللازمة لعملها تطبيقًا للمادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي انضمت إليها الجمهورية (الآسيوية) في 9/8/1970 بالمرسوم التشريعي رقم 184 لسنة 1970 والذي نشر في الجريدة الرسمية – الجزء الأول العدد 34 لسنة 1970.

وحيث أنه عن رسم الطابع فإن الشركة المشتركة مع السعودية هي الشركة الوحيدة التي يمكن القياس عليها في شأن ما ينبغي أن تتمتع به الشركة من مزايا- لم تتمتع بالإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها ولكن على أسهمها فقط وهو ما ورد في المادة 11 (ب) من اتفاقية تأسيسها والتي نصت على أن “تعفى أسهم الشركة من رسم الطابع” وهو ما يطابق تماما نص الفقرة (ب) من المادة 11 من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة مع الطرف الأفريقي. وحيث أنه متى كان ذلك. كذلك فإن من حق الشركة المشتركة في الإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها يغدو قائما على غير أساس من القانون.

وحيث أنه عن مصاريف الدعوى، وإذ قضى للشركة المحتكمة ببعض طلباتها دون البعض الآخر فإن الهيئة تقضي بأن يتحمل كل طرف بنصف مصاريف الدعوى، وتأمر بالمقاصة في أتعاب المحاماة.


فلهذه الأسباب حكمت الهيئة

أولاً: برفض الدفوع المبداه من المحتكم ضدهما، بعدم قبول التحكيم، وبطلانه، وبعدم صحة خصومته، وبعدم صحة تمثيل الشركة المحتكمة.

ثانياً: وفي الموضوع بأن التفسير الصحيح لاتفاقية تأسيس الشركة (المشتركة) للاستثمارات الصناعية والزراعية الموقعة بين الجمهورية (الآسيوية) و (الأفريقية) في 21 يناير 1978 والتي صدر بالتصديق عليها المرسوم التشريعي رقم 17 الصادر في 11 مايو 1978 ينطوي على أحقية الشركة المشتركة في التمتع بالإعفاء الجمركي على وسائل النقل المملوكة لها، وعلى عدم أحقيتها في التمتع بالإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها.

ثالثا: بأن يتحمل كل طرف نصف مصاريف الدعوى، وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.

رابعاً: حددت الهيئة مصروفات التحكيم على النحو الآتي:

أ‌-      أتعاب المُحكَمين توزع بنسبة 40/30/30.

ب‌-  مصاريف انتقال المُحكَمين والمصروفات الإدارية.

تعليـــق الأستاذ الدكتور محمد علي عمران

طلب المركز إلى الأستاذ الدكتور محمد علي عمران التعليق على هذا الحكم فكتب التعليق التالي:

المسائل القانونية المثارة بشأن الدعوى التحكيمية رقم 112لسنة 98

أولاً: دفع ممثل المحتكم ضدهما بعدم قبول الدعوى التحكيمية شكلًا لعدم صحة خصومة أطراف التحكيم تأسيسًا على أن الخصومة ينبغي أن لا تخرج عن الطرفين المؤسسين للشركة المشتركة وهي الحكومتان الآسيوية والأفريقية، ومع التسليم بأن الشركة المحتكمة (شركة أفريقية للاستثمارات الخارجية) تمثل الحكومة الأفريقية فإن رئيس الحكومة الآسيوية أو رئيس مجلس الوزراء هو الذي كان يجب أن يختصم في الدعوى التحكيمية وليس وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية باعتباره ممثل الحكومة الآسيوية في التوقيع على اتفاقية التأسيس، ولا يؤثر في ذلك أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية هي التي كلفت بتمثيل الحكومة الآسيوية في التوقيع على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة إلا أن صلتها بالشركة وبالموضوع بأكمله قد انقطعت من انتهاء أدائها لهذا التكليف بالإضافة إلى أن الدعوى التحكيمية في حقيقتها تقوم على نزاع بين وزارة المالية الآسيوية وبين الشركة المشتركة التىتضم الطرفين وهو نزاع بين الوزارة سالفة البيان وبين شركة مساهمة من القطاع الخاص تخضع للقانون الآسيوي وتتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن الطرفين المؤسسين وهي ليست طرفًا في اتفاقية التأسيس وبالتالي فهي ليست طرفًا في اتفاق التحكيم.

الرد والتعليق:

بادئ ذي بدء ننوه إلى أنه حتى يمكن بيان صحة أو بطلان خصومة أي من الطرفين يجب الرجوع إلى قواعد اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة والنظام الأساسي لها فضلًا عن حكم القانون. وبمطالعة نص المادة (15) من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة سنجد أنها تنص على أنه “لأي من طرفي الاتفاقية حق التصرف في حصته في رأس مال الشركة لشخص طبيعي أو معنوي يحمل جنسيته دون خضوع لأية قيود مالية أو قانونية أو ضريبية”.

وهذا هو ما قررته أيضاً المادة (7) من النظام الأساسي لهذه الشركة وترتيبًا على ذلك فقد صدر في الدولة الأفريقية القانون رقم6لسنة 1981 بشأن إنشاء الشركة المحتكمة وقد نصت المادة الثالثة من هذا القانون على أن: “أغراض الشركة هي استثمارات الأموال خارج الدولة الأفريقية”.

كما نصت المادة السابعة من هذا القانون سالف الذكر أيضاً على أن:

“تحل الشركة محل الجهات التي الت إليها مساهماتها واستثماراتها الخارجية القائمة وقت العمل بهذا القانون، وذلك في مالها من حقوق وما عليها من التزامات”

وتنص المادة (328) من القانون المدني للدولة الآسيوية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم84 في 18/5/1949 على أن “من حل قانونًا أو اتفاقًا محل الدائن كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص، وما يلحقه من توابع، وما يكلفه من تأمينات، وما يرد عليه من دفوع، ويكون هذا الحلول بالقدر الذي أداه من ماله من محل الدائن”.

وهذا النص يطابق تماما نص المادة 316 من القانون المدني الأفريقي. ومما تقدم يبين أن الشركة المحتكمة قد حلت وفقا للمادة (7) من النظام الأساسي والمادة (15) من اتفاقية التأسيس وطبقًا لأحكام القانون محل الطرف الأفريقي بكامل حقوقه وما عليه من التزامات. ومن ثم يصح اختصامها للطرف الآسيوي.

وفيما يتعلق بمنازعة المحتكم ضدهما في صحة خصومة المحتكم ضدهما تأسيسًا على أن لكل من الوزارتين المحتكم ضدهما شخصية معنوية مستقلة ولها اختصاصات محددة وفقا للنظام القانوني الآسيوي وأن أيًا منهما لا يجب اختصامه في هذه الدعوى ذلك أن وزير المالية لم يكن هو الطرف الموقع على اتفاقية التأسيس كما أن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وقع على الاتفاقية المذكورة عن الحكومة الآسيوية وقد انقطعت صلته بالأمر بعد ذلك لذلك فإن الذي كان يجب اختصامة هو رئيس الوزراء.

والبين من مطالعة اتفاقية التأسيس أن حكومة الجمهورية الآسيوية كانت الطرف الثاني في الاتفاقية وقد وقع عنها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ممثلًا لها وإن كانت وزارته تتمتع بالشخصية المعنوية إلا أنه قد وقع عن الدولة الآسيوية على الاتفاقية باعتباره أحد أعضاء الحكومة. وهو ما يدخل في صلاحياته بحكم منصبه.

وحيث أن شخصية الدولة وأن كانت شخصية معنوية واحدة إلا أن الدولة تسبغ على بعض وحداتها المصلحية أو الإقليمية صفة تعينها على ممارسة اختصاصاتها وتيسر لها القيام بواجباتها وأن تختصم وتخاصم قضائيًا في مجالات اختصاصاتها وهذا لا يعني أن وزراء الحكومة وأعضاءها تنحسر عنهم صفة تمثيلها وخاصة في مجالات اختصاصاتهم.

ويؤكد ذلك ما تنص عليه المادة (15) من الدستور في الدولة الآسيوية من أن مجلس الوزراء هو الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة ويتكون من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ويشرف على تنفيذ القوانين والأنظمة، “وما تنص عليه أيضاً المادة (119) من الدستور في الدولة الآسيوية من أن: الوزير يتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة فيما يختص بوزارته” ويبين من ذلك أن الوزير المختص يمثل الحكومة في مجال اختصاصاته وأن مسؤولية مجلس الوزراء مسؤولية تضامنية. وهو ما يتفق مع ما نصت عليه المادة (25) من قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 بتاريخ 28/9/1953 والتي تنص على أن “تسلم الأوراق المطلوب تبليغها للدولة للوزراء” فهم يمثلون الدولة والحكومة.

والثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن وزارة المالية هي التي تتولى المطالبة بالرسوم الجمركية ورسم الطابع تنفيذًا لاتفاقية التأسيس. كما أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تتولى كذلك الإشراف على تنفيذ هذه الاتفاقية. ويبين من أوراق الدعوى أيضاً ومن صور المراسلات المقدمة من الشركة المحتكمة أن وزارة المالية بالدولة الآسيوية كانت توجة مطالباتها للشركة المشتركة عن طريق وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية. ومن ثم فإن توجيه الخصومة إلى المحتكم ضدهما يكون مبنيا على سند صحيح من القانون ومن ثم يصح اختصامهما.

وفيما يتعلق بما أثاره المحتكم ضدهما من أن الدعوى الماثله في حقيقتها تقوم على نزاع بين وزارة المالية الآسيوية وبين الشركة المشتركة وهي شركة مساهمة من شركات القطاع الخاص تتمتع بالشخصية المعنوية وليست طرفًا في اتفاق التحكيم.

والبيّن أن هذا القول مخالف للحقيقة والواقع حيث أن الشركة لم تختصم في الدعوى الماثلة، ومن ثم فإن ذلك يضحى غير قائم على أساس قانوني سليم كما أن حق الشركة المحتكمة في إقامة الدعوى الماثلة ثابت بموجب اتفاقية التأسيس ونظامها الأساسي كما أوضحنا سلفًا.

وإن كان الحكم للشركة المحتكمة بطلباتها سيعود على الشركة المشتركة إلا أن الطرف الأفريقي في الشركة المذكورة له أيضاً مصلحة قانونية في إقامة هذه الدعوى حيث أن عائد مساهماته المالية سيتأثر بما ينتهي إليه الحكم في هذه الدعوى.

ومما تقدم يبين أنه لا عوار في خصومة أي من طرفي الدعوى الماثلة ويكون الدفع بعدم صحة خصومة أطراف التحكيم غير قائم على أساس سليم من الواقع والقانون ومتعينا رفضه.

ثانيا: دفع ممثل المحتكم ضدهما بعدم جواز إلزام طرفي التحكيم بقواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي: اليونسترال، دون موافقتهم الخطية وفقا لأحكام المادة (1) من تلك القواعد والتي تجيز لطرفي التحكيم إدخال أي تعديلات عليها، وأن تكون الأولوية للقانون الواجب التطبيق على التحكيم إذا تعارض مع هذه القواعد. فضلًا عن أن المادة (510) من قانون أصول المحاكمات في الدولة الآسيوية تنص على ضرورة تحديد موضوع النزاع في صك التحكيم أو في أثناء المرافعة وإلا كان التحكيم باطلًا. وهكذا فإنه مع عدم موافقة الطرفين الخطية على إبرام هذا الصك وعدم تحديد موضوع النزاع فيه يغدو التحكيم الماثل باطلًا.

كما أن المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة ترخص لهيئة التحكيم في وضع قواعد الإجراءات التي تتعلق بإدارة الجلسات واستحضار الخصوم وغيرها، ولا يجوز للهيئة التوسع في تفسير عبارة الإجراءات الواردة في النص المشار إليه بحيث تشمل نظام تحكيم معين كنظام لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي.

الرد والتعليق:

تنص المادة (52) من النظام الأساسي للشركة المشتركة في فقرتها الثانية على أن: تضع لجنة التحكيم قواعد الإجراءات الخاصة بها دون التقيد بقانون الأصول في أي من الدولتين.

وحيث أن موافقة كل من الدولتين طرفي الاتفاقية عليها وعلى نظامها الأساسي ينطوي على موافقة شاملة لكل مواردهما وشروطهما بما في ذلك الباب السابع من النظام الأساسي للشركة المشتركة والذي يتعلق بالمنازعات والذي يعتبر جزء لا يتجزأ وفقا للمادة (6) من الاتفاقية.

ولا محل هنا لوضع مشارطة أو صك تحكيم بعد قيام النزاع حيث حررت المادة (52) في فقرتها الثالثة “لجنة التحكيم” من التقيد بقانون الأصول في أي من الدولتين، فضلًا عن أن حكم المادة (510) من قانون أصول المحاكمات الآسيوي يطبق على مشارطة التحكيم دون الحالات التي يدرج فيها اتفاق الطرفين “شرط تحكيم” وفقا للثابت بالدعوى الماثلة.

وحيث أن قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي “اليونسترال” التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر سنة 1976 بعد أن أعدتها لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي ووافقت عليها الأعضاء فيها بإجماع الآراء، كلها قواعد إجرائية.

وتناولت الإجراءات التحكيمية منذ بدايتها وحتى صدور الحكم في الدعوى التحكيمية بالبناء على ذلك فإن الدفع بعدم جواز إلزام طرفي التحكيم بقواعد الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي يضحى غير قائم على أساس قانوني سليم ومتعينًا رفضه.

ثالثا: دفع ممثل المحتكم ضدهما ببطلان تمثيل الشركة المحتكمة:

تأسيسًا على أنه من الضروري إبراز مصدق عليه من سجل الشركات في الدولة الأفريقية يبين اسم رئيس مجلس إدارة الشركة المحتكمة إذ صدر توكيل من السيد/…. باعتباره رئيسًا لمجلس الإدارة للسيد الأستاذ الدكتور /(أ) المحامي، في حين صدر التوكيل للسيد الأستاذ/(ب) المحامي من السيد/….

كما يجب إثبات أن رئيس مجلس إدارة الشركة المحتكمة مفوض بإصدار توكيلات بشأن التحكيم، فضلًا عن أن التفويض الصادر للسيد/…. لتوكيل محام عبارة عن ورقة عرفية لا حجية لها، وأن السيد الأستاذ (ب) المحامي لم يستأذن وزارة الداخلية، وفقا لحكم القانون الآسيوي للدفاع عن جهة أجنبية بالإضافة إلى أن السيد رئيس مجلس إدارة الشركة المشتركة وهي شركة قطاع خاص في حين أن الشركة المحتكمة شركة قطاع عام وهناك تعارض في تمثيلة لكل منهما.

الرد والتعليق:

يبين من واقعات الدعوى أنه لا تعارض في المصلحة التي يمثلها السيد/…  كرئيس مجلس إدارة الشركة المشتركة والمصلحة التي يمثلها كمفوض عن الشركة المدعية، وبمطالعة التوكيل الصادر للسيد الأستاذ الدكتور (أ) المحامي يبين منه أنه قد تم إبرامه أمام محكمة…  بحضور السيد/….. بصفته رئيسا لمجلس الإدارة والمدير العام للشركة المحتكمة وبصفته المساهم الأفريقي في الشركة المشتركة والثابت من وثيقة التوكيل أنه موكل للحضور في الدعوى الماثلة.

وهذه الوثيقة الرسمية ممهورة بتوقيع رئيس المحكمة المختصة وبخاتم الدولة الأفريقية وهو ما يقتضي القضاء بصحة تمثيل الشركة المحتكمة.

ومن ثم يضحى الدفع ببطلان تمثيلها غير قائم على أساس قانوني سليم ومتعينا رفضه.

رابعا: فيما يتعلق بما أثاره ممثل المحتكم ضدهما بشأن وكالة السيد الأستاذ (ب) المحامي عن الشركة المحتكمة أسس على ما يقضي به القانون الآسيوي بشأن توكيل محام.

الرد والتعليق:

هذا ولما كان الثابت وفقا للسالف بيانه من أن قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي (اليونسترال) هي القواعد واجبة التطبيق على الدعوى الماثلة ومن ثم فليس ثمة أساس قانوني لتطبيق القانون الآسيوي في هذا الشأن وتنص المادة (4) من قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدُولي على أن “يجوز أن يختار الطرفان أشخاصا للنيابة عنهما أو لمساعدتهما…”

ويبين من هذه المادة أنه يحق للأطراف اختيار أي شخص للدفاع عنهم أو لمساعدتهم وبدون شروط، فهي لا تشترط أن يكون ممثلو الأطراف من المحامين، كما لا تشترط أي أوضاع رسمية أو غير رسمية لنيابتهم عن الأطراف أو مساعداتهم لهم.

وبمطالعة أوراق الدعوى الماثلة يبين أن المستشار القانوني للشركة المحتكمة قد حضر بجلسة من الجلسات مع المحامين عنها (أ،ب) وقد حضر أيضاً بالجلسة المشار إليها ممثل المحتكم ضدهما ولم يبد أي اعتراض على حضور أو على صفة مستشار المحتكمة، كمندوب عنها وعلى استعانته بصفته بأي منهما في هذه الجلسة أو في أي مرحلة من مراحل الدعوى وحتى إقفال باب المرافعة فيها. وهو ما يؤكد على تكليف الشركة المحتكمة للأستاذ / المحامي (ب) بالمساعدة في الدفاع عنها.

وحيث أن اشتراط استئذان (ب) المحامي وزارة الداخلية الآسيوية أمر لا توجبه قواعد اليونسترال. ومن ثم فلا أثر على إجراءات الدعوى الماثلة.

خامسا: فيما يتعلق بموضوع الدعوى والذي يمثل في مطالبة الشركة المحتكمة بتفسير نصوص اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة للاستثمارات الصناعية والزراعية التي ابرمت بين الحكومتين في 21 يناير سنة 1978 وصدق عليها بالمرسوم التشريعي رقم 17بتاريخ 11مايو سنة1978، لبيان مدى قانونية مطالبة حكومة الدولة الآسيوية للشركة المشار إليها بأداء الرسوم الجمركية على وسائل النقل التي تملكها ومدى قانونية إلزامها بسداد رسم الطابع على معاملاتها.

الرد والتعليق:

وللإجابة على هذا الموضوع يجب دراسته في ضوء نصوص اتفاقية التأسيس سالفة البيان بالإضافة إلى نصوص اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البدلان العربية التي أبرمت في 29/8/1970.

(أ‌)       تنص المادة (7) من اتفاقية تأسيس الشركة على أن: “تتمتع الشركة بالمزايا والإعفاءات والضمانات التي تقررها قوانين تشجيع استثمار رأس المال العربي والأجنبي الصادرة في الجمهورية الآسيوية”

كما تنص المادة (11/2) على أن:

“تُعفى أسهم الشركة من رسم الطابع”

وتنص المادة (12/أ) على أن:

“تُعفى الآلات والمعدات التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم”

كما تنص المادة (12/ب) على أن:

للشركة أن تستورد مباشرة جميع احتياجاتها من الآلات والتجهيزات والمعدات والآليات وسيارات العمل والمواد الأولية اللازمة لإقامة مشاريعها أو توسيعها وكذلك المواد الأولية اللازمة لعمليات تشغيل مشاريعها وذلك استثناء من أحكام الحضر والتقييد ومن نظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ.

(ب‌)       وبتاريخ 29/8/1970 وقبل التصديق على اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة بما يزيد عن ثماني سنوات صدر قرار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، رقم 465 في دورته العادية الخامسة عشر بالموافقة على اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية.

(ت‌)              وقد صدقت الحكومتان الطرفان على هذه الاتفاقية التي دخلت حيذ التنفيذ وفقًا للمادة الثانية عشر منها.

وتنص المادة الخامسة من اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية على أن: “تلتزم الدول الأعضاء بمعاملة الاستثمارات العربية بما لا يقل عن معاملة أية استثمارات أجنبية قد تمنحها الدول مزايا خاصة وتتمتع الاستثمارات العربية تلقائيًا بنفس تلك المزايا فور منحها”.

كما أن المادة الرابعة من هذه الاتفاقية تنص على أن:

“تلتزم الدول الأعضاء بمعاملة الاستثمارات العربية بدون تمييز في كافة المجالات المتاحة فيها بما لا يقل عن معاملة الاستثمارات الوطنية”.

ومما تقدم يبين أن المادة (7) من اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة والمادة الخامسة من اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان تضع شرطًا أولى بالرعاية لصالح الاستثمارات العربية.

كما أن المادة الرابعة من هذه الاتفاقية تضع شرطا بعدم التمييز بين الاستثمارات العربية وقد استخدم شرط الدولة الأولى بالرعاية منذ فترة طويلة في الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف ليضمن لدولة أو لطرف آخر الحقوق والامتيازات التي تتمتع بها إحدى الدول المتعاقدة مع الدولة الطرف في اتفاقية الاستثمار.

وهذا الشرط يقتضي المساواة بين حقوق وامتيازات الاستثمارات التي تمنحها الدولة الطرف في الاتفاقية التي تضمن هذا الشرط لدولة أو لطرف آخر، وبين الاستثمار الذي يدعى حرمانه من تلك الحقوق والامتيازات.

ومن أبرز الشروط التي ينبغي توافرها لانطباق شرط الدولة الأولى بالرعاية هو أن يكون هناك تماثلا بين نوعية الاستثمار الذي يدّعي حرمانه من الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها استثمار آخر في الدولة المضيفة وبين نوعية الاستثمار الأخير وبالتالي فلا يجوز القياس في شأن المزايا التي تتمتع بها مثلًا استثمارات في شركات لإنتاج الجرارات الزراعية والصناعية أو استثمار فندقي أو في مجال النفط وبين استثمار في مجال صناعي زراعي.

وترتيبًا على ماتقدم فإن الاستثمارات التي استشهدت بها الشركة المحتكمة لا يحقق أي منها تماثلًا بينه وبين استثمار الشركة المشتركة في نوعية الاستثمار وذلك فيما عدا الاستثمار الذي صرح به بمقتضى اتفاقية تأسيس الشركة المشتركة مع السعودية للاستثمارات الصناعية والزراعية الذي صدق عليه بمقتضى المرسوم التشريعي رقم 38الصادر في 4/11/1976.

والبيّن من إطلاق عبارة نص المادة (7) من اتفاقية التأسيس وماتضمنته صياغة اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان العربية وما نصت عليه صراحة المادة الرابعة منها أن الشركة المشتركة يحق لها التمتع بإعفاء سياراتها ووسائل النقل المملوكة لها من الرسوم الجمركية على نحو مماثل لها تتمتع به الشركة المشتركة مع السعودية والتي يماثل استثمار الشركة المشتركة التي ينص المرسوم التشريعي رقم 38 الصادر في 4/10/1976 الصادر بالتصديق عليها في المادة (12/أ) على أن تُعفى الآلات والمعدات ووسائل النقل التي تملكها الشركة من الضرائب والرسوم الجمركية والبلدية وغيرها من الضرائب والرسوم.

وقد جاءت المادة الرابعة من اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية وانتقالها بين البلدان المشار إليها مؤكدة على عدم جواز التمييز في المعاملة بين الاستثمارات العربية.

هذا، ولما كان التشريع الداخلي لا يخل بحق الشركة المشتركة في التمتع بالإعفاء الجمركي على السيارات ووسائل النقل اللازمة لعملها تطبيقا للمادة 27 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات التي انضمت إليها الجمهورية الآسيوية في 9/8/1970 بالمرسوم التشريعي رقم 184 لسنة 1970 والذي نشر بالجريدة الرسمية – الجزء الأول – العدد 34 لسنة  1970.

وبالبناء على ماتقدم يبين احقية الشركة المشتركة في التمتع بالإعفاء الجمركي على وسائل النقل المملوكة لها.

سادسًا: فيما يتعلق بأحقية الشركة المشتركة في الإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها أم لا.

الرد والتعليق:

بالنسبة لرسم الطابع فإن الشركة المشتركة مع السعودية هي الشركة الوحيدة التي يمكن القياس عليها في شأن ما ينبغي أن تتمتع به الشركة المشتركة من مزايا وقد نصت المادة 11/ب من اتفاقية تأسيسها على أن:

“تُعفى أسهم الشركة من رسم الطابع”

والبيّن من نص هذه المادة أن الشركة المشتركة لم تتمتع بالإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها ولكن على أسهمها فقط.

ومتى كان ذلك فإن حق الشركة المشتركة في الإعفاء من رسم الطابع على معاملاتها يضحى غير قائم على أساس قانوني سليم متعينًا رفضه.