هل لديك سؤال؟
تم إرسال الرسالة. غلق

بيع ومقايضة على أوراق مالية

المُحكَمون: ثلاثة من جنسية مصرية.

الأطراف: المحتكم: ثلاثة أفراد.

المحتكم ضدها: رئيس شركة أفريقية لصناعة السجاد.

المسائل المثارة: بطلان تحكيم سوق رأس المال وبطلان بيع حصص الشركاء وبطلان الخروج من الشركة.

مقر التحكيم: مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدُولي.

القانون الإجرائي: قانون التحكيم 27/94

القانون الموضوعي: القانون المصري.

لغة التحكيم       : اللغة العربية.

المبادئ القانونية

1-      وإذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في العديد من أحكامها ببطلان مثل هذه النصوص (تحكيم سوق رأس المال) التي تفرض على الخصوم الالتجاء إلى التحكيم جبراً عنهم لما في ذلك من سلبهم حقهم في الالتجاء إلى القاضي الطبيعي المقرر بنص المادة 68 من الدستور وقالت ما نصه: “كفل الدستور لكل مواطن بنص مادته الثامنة والستين حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي مخولاً إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاضي يكون بالنظر لطبيعتها، وعلى ضوء مختلف العناصر التي لابستها مهيئاً للفصل فيها، وكان الأصل هو اختصاص جهة القضاء العام بنظر المنازعات جميعها إلا ما استثنى بنص خاص، وكان من المقرر أن انتفاء اختصاص المحاكم بالفصل في المسائل التي تناولها اتفاق التحكيم، مرده أن هذا الاتفاق يمنعها من نظرها فلا تكون لها ولاية بشأنها بعد أن حجبها عنها ذلك الاتفاق وكان النص التشريعي المطعون عليه يفرض التحكيم قسراً في العلاقة القانونية القائمة بين طرفين وكان هذا النوع من التحكيم منافياً للأصل فيه باعتبار أن التحكيم لا يتولد إلا عن الإرادة الحرة ولا يتصور إجراؤه تسلطاً أو إكراهًا، فإن شأن التحكيم المقرر بالنص التشريعي المطعون فيه، شأن كل تحكيم أقيم بدون اتفاق أو بناءً على اتفاق لا يستنهض ولاية التحكيم – إذ لا يعدو في هذه الصور جميعها أن يكون حملًا عليه منعدمًا وجودًا من زاوية دستورية فلا تتعلق به بالتالي ولاية الفصل في الأنزعة أيًا كان موضوعها منعدماً وجوداً من زاوية دستورية…  بما مؤداه أن اختصاص هيئة التحكيم التي أحدثها النص المطعون فيه بنظر المنازعات التي أدخلها جبراً في ولايتها يكون منتحلاً منطوياً بالضرورة على حرمان المتداعين من اللجوء إلى محاكم القانون العام بوصفها القاضي الطبيعي فيقع من ثم مخالفاً لنص المادة 68 من الدستور (حكم المحكمة الدستورية العليا في 17/12/1994 في الطعن رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية) وإذ كان ذلك لأسبابه التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمنطوق الحكم تحدد معناه أو تكمله، بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب، وكان من المقرر، وبالإضافة إلى ذلك أن الدستور هو القانون الأسمى صاحب الصادر على ما دونه من التشريعات والنزول عند أحكامه فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور. فإذا ما أورد الدستور نصاً صالحاً للأعمال بذاته بغير حاجة إلى سن تشريع أدنى لزم إعمال هذا النص من يوم العمل به وإهدار الحكم المخالف له، كان ذلك، وكان نص المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 وقد فرض نوعاً من أنواع التحكيم الإجباري في شأن منازعات عينتها المادة فإنها – بصريح عبارات أحكام المحكمة الدستورية العليا – تكون مخالفة لنص المادة 68 من الدستور ويتعين من ثم إهدار الأولى وإعمال الأخيرة. وبالتالي يكون الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم ولائياً بنظر هذا الشق من النزاع غير قائم على أساس خليقاً بالرفض.

2-      وإذ كان ذلك، وكان العقد موضوع النزاع في شأن بيع الأسهم قد تم بصورة مخالفة لنصوص آخره حيث تم تداول الأسهم عن طريق البيع خارج البورصة وعن غير طريق إحدى الشركات المرخص لها بذلك، فإن التصرف يكون قد وقع باطلًا وهو بطلان مطلق يجوز لكل ذي شأن أن يتمسك به وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ولا يحول دون ذلك ما ورد في البند ثانياً من العقد المحرر بتاريخ 12/6/1997 من التزام المحتكمين “البائعين” بعرض الأسهم للبيع عن طريق البورصة من خلال أحد السماسرة المعتمدين لديها والتزام المحتكم ضده بشراء تلك الأسهم بالقيمة المسماة في العقد – وإذ الثابت من طلب التحكيم أن العقد قد جرى تنفيذه في شأن تسليم بضاعة مقابل الأسهم أي أن الصفقة قد شرع في تنفيذها دون الالتزام بالإجراءات ومراعاة القيود التي حددها قانون سوق رأس المال وما ورد في شأن الإجراءات والأوضاع التي يجب اتباعها عند بيع الأسهم وتحديد سعر البيع وهو ما تضمنته نصوص المواد 21، 22 من القانون ومن 59 إلى 62 من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 135 لسنة 1993- وإذ كان الثابت أن أسهم الشركة مقيدة ببورصة القاهرة بتاريخ 25/8/1993، وأنه تمت الموافقة بتاريخ 25/8/1993 على قيد أسهم زيادة رأس المال وتعديل القيمة الاسمية للسهم، وبتاريخ 12/4/1995 تمت الموافقة على قيد أسهم الشركة برأس مال قدره 23 مليون جنيه موزعة على 23000 سهم بقيمة إسمية قدرها ألف جنيه للسهم، فإن التصرف في الأسهم موضوع النزاع يكون قد وقع باطلًا لا أثر له ويكون طلب تنفيذه على النحو المبين بطلبات المحتكمين على غير أساس متعيناً رفضه مع إلزامهم بمصروفات هذا الشق من الطلبات.


الوقائــــــع والإجراءات

تتحصل وقائع التحكيم في أن المحتكمين تقدموا بطلب إلزام المحتكم ضده عن نفسه وبصفته عن الشركة طالبين إلزامه بأن يدفع لهم مبلغ ستة ملايين وخمسمائة ألف جنيه والمصاريف والفوائد بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق حتى الوفاء – وقالوا شرحاً لدعواهم أنه بموجب عقد مؤرخ 12/6/1979 اتفق الطرفان على بيع ما يملكونه من أسهم بشركة السجاد وهي شركة مساهمة – للمحتكم ضده – وذلك على التفصيل التالي:

1-     باع المحتكم (ب) 1380 سهماً بمبلغ 1797900 جنيهاً.

2-     باع المحتكم (أ) 1380 سهماً بمبلغ 1797900 جنيهاً.

3-     باع المحتكم (ج) 1380 سهماً بمبلغ 1797900 جنيهاً.

وقد اتفق بعقدين على أن يشتري المحتكم ضده هذه الأسهم في شركة المساهمة بمبلغ 5393699 كما باع المحتكمون أنصبتهم – كشركاء موصين في شركة توصية لصناعة السجاد إلى المحتكم ضده وذلك بقيمتها الأسمية، وتم ذلك بموجب عقد مؤرخ 12/6/1997م.

واتفق في العقد الأول على أن يتم سداد قيمة الأسهم المباعة مقابل بضاعة من إنتاج مجموعة شركات المحتكم ضده تحسب نصف قيمتها خصماً من الثمن المستحق في ذمته، ويدفع المحتكمون النصف الباقي نقداً، كما اشتمل العقد الثاني على سداد قيمة الحصص المباعة، وقدرها 3600000 جنيهاً عيناً وعلى التفصيل المبين بالعقد الأول وعلى أن يراعي في ذلك كله أن يتم تحديد سعر البضاعة بعد خصم النسب المتعارف عليها والتي جرى التعامل على أساسها بين الطرفين – وقد بدأ التنفيذ واستمر من 1/5/1997 حتى نهاية سنة 1997 حيث توقف المحتكم ضده عن الاستمرار في التنفيذ مما يترتب عليه استحقاق المحتكمين باقي الثمن.

وقام دفاع المحتكم ضده على جملة أسانيد حأصلها بالنسبة للعقد الخاص ببيع أسهم شركة المساهمة.

أولاً: عدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع ذلك بأن المادة 152 من قانون هيئة سوق رأس المال قد أفردت لنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون فيما بين المتعاملين في مجال الأوراق المالية هيئة تحكيم تشكل بقرار من وزير العدل وفقًا لنص الفقرة الثانية من المادة 52 آنفة البيان.

ثانياً: بطلان عقد بيع الأسهم لمخالفته لنص المادة 127 من قانون سوق رأس المال والتي توجب أن يتم تداول الأوراق المالية المقيدة بالبورصة داخلها، وحظرت تداول تلك الأوراق خارجها، ولمخالفته أيضاً نص المادة 18 من القانون ذاته والتي أوجبت أن يكون التعامل في الأوراق المالية المقيدة بالبورصة بواسطة إحدى الشركات المرخص لها في ذلك، ورتب القانون البطلان جزاء على مخالفته ما استنه من القواعد المنظمة لتداول الأوراق المالية والتي فصلتها المادتان 17، 18 – هذا فضلًا عن مخالفة هذا الاتفاق لحكم المادة 62 من اللائحة التنفيذية للقانون في شأن الالتزام بتحديد سعر التداول للحيلولة دون التلاعب في أسعار الأوراق المالية وذلك بأن حدد سعر البيع وأوجب أن يتم عقد العملية بمتوسط أسعار الإقفال خلال الأسبوع السابق على الإخطار أو السعر الوارد بالإخطار المشار إليه في المادة 61 من اللائحة أيهما أعلى، وقد تم البيع دون مراعاة هذه القيود التي نظمتها نصوص أمرة.

وبالنسبة للعقد المتضمن بيع حصص المحتكمين في شركة التوصية البسيطة – فقد قام دفاع المحتكم ضده على ما يلي:

أولاً: بطلان ما يرد في عقد بيع الحصص من اتفاق على التحكيم، إذ يتعين – والخلاف ائم بين جميع الشركاء – الرجوع إلى نصوص عقد الشركة والذي تضمن اتفاقًا بين جميع الشركاء على أن تكون محاكم محلية قضائية هي المختصة بنظر أي نزاع بين الشركاء خاصة أن الأمر يقتضي الفصل في مدى صحة تنازل أي من الشركاء عن حصته في الشركة بعد أن اعترض الشريك المتضامن الثاني على هذا التنازل لمخالفته لنصوص عقد الشركة كما أن التنازل يمس حقوق باقي الشركاء ومن ثم يتعين الرجوع إلى عقد الشركة لا إلى الاتفاق الذي يعتصم به المحتكمون.

ثانياً: بطلان عقد البيع لمخالفته لنصوص عقد الشركة والتي حظرت انسحاب أي من الشركاء قبل نهاية مدة الشركة، واشترطت لصحة التنازل عن حصة أحد الشركاء أو بيعها موافقة جميع الشركاء ولا يغير من هذا ما تم من تعديل للعقد بتاريخ 2/5/1995 والذي أجاز إجراء أي تعديل على العقد الأساسي وتعديلاته بموافقة الشركاء المالكين بنسبة 70% من رأس المال وأن كان ثمة خطأ مادي في اتفاق التعديل المؤرخ 6/1/1996 بإبدال نسبة 100% بنسبة 70%.

ثالثاً: لا يصح أن تكون حصة الشريك محل تداول أو تنازل سواء بعوض أو بغير عوض ويسري ذلك على شركات الأشخاص، التضامن والتوصية البسيطة.

رابعاً: لا تجيز المادة 531/2 من القانون المدني للشريك أن ينسحب من الشركة إذا كانت محددة المدة – وقد أكد عقد الشركة ذلك فحظر على أي من الشركاء أن ينسحب من الشركة قبل نهاية مدتها ولا أن يبيع حصته فيها أو يتنازل عنها أو عن جزء منها إلا بموافقة باقي الشركاء كتابة.

          وطلب الحاضر عن المحتكم ضده الحكم بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع القائم بين الطرفين في شأن بيع الأسهم وبطلان شرط التحكيم الوارد في عقد بيع حصص شركة التوصية البسيطة واحتياطيًا ببطلان عقدي البيع ورفض طلبات المحتكمين مع إلزامهم بالمصاريف والأتعاب.

          وقدم المحتكم ضده مذكرة تمسك فيها بانتفاء ولاية هيئة التحكيم بنظر النزاع لأن الشركة المساهمة لم تكن طرفًا في عقد بيع الأسهم ولا في عقد بيع حصص الموصين في شركة التوصية البسيطة.

وكان الحاضر عن المحتكمين قد قرر في جلسة المرافعة أنه يختصم في طلبه الماثل، المحتكم ضده عن نفسه وبصفته ممثلًا لمجموعة شركات وبصفته ممثلاً للشركة المساهمة وشركة التوصية البسيطة وقدم مذكرة تمسك فيها بعدم دستورية المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1993 بإصدار قانون سوق رأس المال وقال أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بعدم دستورية أي تحكيم إجباري كما تمسك بأن التعاقد قد تم بين المحتكمين والمحتكم ضده عن نفسه وبصفته ممثلاً للشركتين وركن في ذلك إلى نظرية الحالة الظاهرة واختتم مذكرته مصممًا على طلباته.


هيئــــة التحكيــــم

          وحيث أنه عن النزاع حول بيع المحتكمين للأسهم موضوع العقد المؤرخ 12/6/1997 للمحتكم ضده فإنه في خصوص الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر هذا النزاع، يتعين الإشارة إلى أن المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 بإصدار قانون رأس المال التي نصت أنه: “يتم الفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون فيما بين المتعاملين في مجال الأوراق المالية عن طريق التحكيم دون غيره”. ونصت الفقرة الثانية من المادة ذاتها على أن تشكل هيئة التحكيم بقرار من وزير العدل برئاسة أحد نواب رؤساء محاكم الاستئناف ومحكم عن كل طرف من أطراف النزاع، وهي بهذه المثابة قد فوضت الالتجاء إلى التحكيم دون غيره للفصل في نوع معين من الأنزعة.

          وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في العديد من أحكامها ببطلان مثل هذه النصوص التي تفرض على الخصوم الالتجاء إلى التحكيم جبراً عنهم لما في ذلك من سلبهم حقهم في الالتجاء إلى القاضي الطبيعي المقرر بنص المادة 68 من الدستور وقال ما نصه: “كفل الدستور لكل مواطن بنص مادته الثامنة والستين حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي مخولاً إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر لطبيعتها، وعلى ضوء مختلف العناصر التي لابستها مهيئاً للفصل فيها، وكان الأصل هو اختصاص جهة القضاء العام بنظر المنازعات جميعها إلا ما استُثنى بنص خاص، وكان من المقرر أن انتفاء اختصاص المحاكم بالفصل في المسائل التي تناولها اتفاق التحكيم، مرده أن هذا الاتفاق يمنها من نظرها فلا تكون لها ولاية بشأنها بعد أن حجبها عنها ذلك الاتفاق وكان النص التشريعي المطعون عليه يفرض التحكيم قسراً في العلاقة القانونية القائمة بين طرفين.. وكان هذا النوع من التحكيم منافيًا للأصل فيه باعتبار أن التحكيم لا يتولد إلا عن الإرادة الحرة ولا يتصور إجراؤه تسلطًا أو إكراهًا، فإن شان التحكيم المقرر بالنص التشريعي المطعون فيه، شأن كل تحكيم أقيم بدون اتفاق أو بناءً على اتفاق لا يستنهض ولاية التحكيم – إذ لا يعدو في هذه الصور جميعها أن يكون حملًا عليه منعدمًا وجودًا من زاوية دستورية فلا تتعلق به بالتالي ولاية الفصل في الأنزعة أيًا كان موضوعها منعدماً وجوداً من زاوية دستورية.. بما مؤداه أن اختصاص هيئة التحكيم التي أحدثها النص المطعون فيه بنظر المنازعات التي أدخلها جبراً في ولايتها يكون منتحلاً منطوياً بالضرورة على حرمان المتداعين من اللجوء إلى محاكم القانون العام بوصفها القاضي الطبيعي فيقع من ثم مخالفاً لنص المادة 68 من الدستور (حكم المحكمة الدستورية العليا في 17/12/1994 في الطعن رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية) وإذ كان ذلك، وكان من المقرر أن حجية الحكم كما تثبت لما ورد في المنطوق تثبت كذلك لأسبابه التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمنطوق الحكم تحدد معناه أو تكمله، بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب، وكان من المقرر، وبالإضافة إلى ذلك أن الدستور هو القانون الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من التشريعات والنزول عند أحكامه فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور. فإذا ما أورد الدستور نصًا صالحًا للإعمال بذاته بغير حاجة إلى سن تشريع أدنى لزم إعمال هذا النص من يوم العمل به وإهدار الحكم المخالف له، لما كان ذلك، وكان نص المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 وقد فرض نوعاً من أنواع التحكيم الإجباري في شأن منازعات عينتها المادة فإنها – بصريح عبارات أحكام المحكمة الدستورية العليا – تكون مخالفة لنص المادة 68 من عبارات أحكام المحكمة الدستور ويتعين من ثم إهدار الأولى وإعمال الأخيرة وبالتالي يكون الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم ولائياً بنظر هذا الشق من النزاع غير قائم على أساس خليقاً بالرفض.

          وحيث أنه في خصوص موضوع النزاع في شقه الخاص ببيع الأسهم، فإن الفقرة الأولى من المادة 17 من القانون 95 لسنة 1992 بإصدار قانون سوق رأس المال قد نصت على أنه “لا يجوز تداول الأوراق المالية المقيدة في أي بورصة خارجها وإلا وقع التداول باطلاً..”، ونصت الفقرة الثانية من المادة 18 من القانون ذاته على أن يكون التعامل في الأوراق المالية المقيدة بالبورصة بواسطة إحدى الشركات المرخص لها بذلك وإلا وقع التعامل باطلاً..”، ونصت المادة 64 من القانون على أنه “ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد 6، 7، 17، 33، 39 والفقرة الثانية من المادة 49 من هذا القانون”.

          وإذ كان ذلك، وكان العقد موضوع النزاع في شأن بيع الأسهم قد تم بصورة مخالفة لنصوص أمره حيث تم تداول الأسهم عن طريق البيع خارج البورصة وعن غير طريق إحدى الشركات المرخص لها بذلك، فإن التصرف يكون قد وقع باطلًا وهو بطلان مطلق يجوز لكل ذي شأن أن يتمسك به وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ولا يحول دون ذلك ما ورد في البند ثانياً من العقد المحرر بتاريخ 12/6/1997 من التزام المحتكمين “البائعين” بعرض الأسهم للبيع عن طريق البورصة من خلال أحد السماسرة المعتمدين لديها والتزام المحتكم ضده بشراء تلك الأسهم بالقيمة المسماة في العقد – وإذ الثابت من طلب التحكيم أن العقد قد جرى تنفيذه في شأن تسليم بضاعة مقابل الأسهم أي أن الصفقة قد شرع في تنفيذها دون الالتزام بالإجراءات ومراعاة القيود التي حددها قانون سوق رأس المال وما ورد في شأن الإجراءات والأوضاع التي يجب اتباعها عند بيع الأسهم وتحديد سعر البيع وهو ما تضمنته نصوص المواد 21، 22 من القانون ومن 59 إلى 62 من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 135 لسنة 1993 وإذ كان الثابت أن أسهم الشركة مقيدة ببورصة القاهرة بتاريخ 25/8/1993، وأنه تمت الموافقة بتاريخ 25/8/1993 على قيد أسهم زيادة رأس المال وتعديل القيمة الاسمية للسهم، وبتاريخ 12/4/1995 تمت الموافقة على قيد أسهم الشركة برأس مال قدره 23 مليون جنيه موزعة على 23000 سهم بقيمة اسمية قدرها ألف جنيه للسهم، فإن التصرف في الأسهم موضوع النزاع يكون قد وقع باطلًا لا أثر له ويكون طلب تنفيذه على النحو المبين بطلبات المحتكمين على غير أساس متعيناً رفضه مع إلزامهم بمصروفات هذا الشق من الطلبات.

          وحيث أنه عن الشق الخاص بالعقد المؤرخ 12/6/1997 المتضمن بيع حصص المحتكمين في شركة التوصية البسيطة إلى المحتكم ضده (عن نفسه) فإنه يتعين أولاً تناول الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم استنادا إلى ما ورد في عقد تأسيس الشركة المؤرخ 2/3/1997 من أن محاكم (الإقليم) تنظر أي نزاع بين الشركاء أو ورثتهم.

          وحيث أن هذا الشرط قد ورد في عقد التأسيس المشار إليه ويضم شريكين متضامنين واثنين موصيين أحدهما قاصر مشمول بولاية والده ثم تعدل هذا العقد بالعقد المؤرخ 6/11/1996 بين الشركاء السابقين ثم تعدل بالعقد المؤرخ 9/3/1997 بإدخال شركاء جدد موصين من ينهم المحتكمين بحيث أصبح عدد الشركاء 28 شريكاً والتزم الجميع بشروط عقد التأسيس واتفق فيه على تعديل البند السادس منه بإضافة أنه يجوز إجراء أي تعديل على عقد الشركة الأساسي وتعديلاته بموافقة الشركاء المالكين لنسبة 100% من رأس المال على الأقل بما في ذلك حصة الشركاء المتضامنين فيما عدا خروج الشركاء.

          وإذ كان عقد البيع موضوع النزاع الخاص ببيع حصة المحتكمين إلى المحتكم ضده المؤرخ 12/6/1997 قد نص فيه على الالتجاء إلى التحكيم في شأن أي نزاع بين أطرافه، وكان هذا العقد مبرمًا بين المحتكمين وبينه دون تحديد صفة هذا الأخير من بين صفاته العديدة كرئيس لمجلس إدارة شركات وولي على القصر من أولاده الشركاء، فإن هذا التعاقد يكون قد تم بصفته الشخصية دون غيرها من صفاته وبالتالي فإن ما أبرمه من اتفاق لا يحتج به على الشركة ولا يؤثر في حقوقها قبل أطرافها، ولا ينال من ذلك ما ورد في الاتفاق من أن يتم سداد ثمن الحصص وقدره 3600000 جنيه ببضائع من إنتاج الشركة على التفصيل الوارد بالبند الثالث من العقد لأن ذلك بمجرده لا يفيد أنه قد تعاقد بصفته ممثلاً عن الشركة وليس ثمة ما يمنع أن يتم السداد ببضائع من إنتاج الشركة على حسابه الخاص – ولا محل كذلك لإعمال نظرية الحالة الظاهرة لأن المحتكمين وهم شركاء المشتري على بينه بصفاته المشار إليها بما يمتنع معه القول أن ثمة خطأ في شأن تلك الصفة وأنهم تعاقدوا معه بصفته ممثلاً للشركة لا بصفته الشخصية ومن ثم فإن التعاقد يكون قد تم بين الطرفين وفقًا لصفاتهم المبينة فيه دون غيرها، وإذ كان ذلك وكان العقد المؤرخ 12/6/1997 سند المحتكمين في طلبهم قد تضمن شرط التحكيم فلا محل لإعمال النص الوارد في عقد التأسيس باختصاص محاكم الإقليم لاختلاف أطراف وموضع كل من العقدين ولأن العقد الذي تضمن شرط التحكيم لاحق على عقد التأسيس مما يتعين معه رفض الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم.

          وحيث أنه عن طلب المحتكمين إلزام خصمهم بتنفيذ التزامه بسداد ثمن الحصص موضوع عقد البيع المحرر في 12/6/1997 وهي حصص التوصية فإنه يتعين الإشارة إلى ما هو مقرر فقهاً وقضاءً من أن شركة التوصية البسيطة هي شركة أشخاص، تقوم على الاعتبار الشخصي للشركاء سواء المتضامنين أم الموصين، ومن ثم فلا يجوز لأي منهم التنازل عن حصته في الشركة إلا بموافقة الشركاء جميعاً وأن جاز أن ينص ف يعقد الشركة على غير ذلك، وأنه من المقرر أيضاً أن الأصل في حصة الشريك في شركات الأشخاص أنها غير قابلة للتنازل إلا بموافقة سائر الشركاء أخذاً بأن الشريك قد لوحظت فيه اعتبارات شخصية عند قبوله شركياً إلا أنه مع ذلك يجوز له أن يتنازل عن حقوقه إلى الغير – ومن باب أولى إلى أحد الشركاء – دون موافقة الباقين، ويبقى هذا التنازل قائماً بينه وبين المتنازل له لأن الشريك إنما يتصرف في حقوقه الشخصية التي تتمثل في نصيبه في الأرباح وفي موجودات الشركة عند التصفية ولا يكون هذا التنازل نافذاً في حق الشركة أو سائر الشركاء (نقض 273/1974س 25 ص 587 ونقض 15/5/1986 س 37ص 561)، وإذ كان ذلك وكان عقد الشركة الأساسي المحرر في 2/3/1994 قد حظر في البند العاشر منه على أي شريك الانسحاب من الشركة قبل نهاية مدتها كما حظر بيع الحصص أو التنازل عنها أو جزء منها إلا بموافقة الشركاء الأخرىن كتابة. وتضمن عقد التعديل المحرر في 9/3/1997- والذي انضمن بمقتضاه المحتكمون إلى الشركة كموصين – الاتفاق على جواز تعديل العقد الأساسي بموافقة الشركاء المالكين لنسبة 100% من رأس المال فيما عدا خروج الشركاء فإن الاتفاق الوارد بعقد التأسيس في شأن حظر تنازل الشركاء عن حصصهم يكون قائماً، وبالتالي فإن ما تم من تعاقد بين المحتكمين والمحتكم ضده في شأن شراء حصصهم لا يكون صحيحاً ونافذاً إلا بين أطراف هذا التعاقد وأن كان غير نافذ في حق الشركة كشخص معنوي له ذمة مستقلة، ولا في حق باقي الشركاء.

          ومن حيث أن المتفق عليه في عقد البيع أن ثمن بيع الحصص مبلغ 3600000 جنيه يتم سدادها مقابل بضائع من إنتاج مجموعة شركات تسلم للبائعين مقابل سداد 50% من قيمتها نقداً والباقي خصماً من الثمن المستحق للبائعين مع مراعاة ما جرى عليه التعامل بين الطرفين من خصومات.

          وإذ كان الثمن في العقدين موضوع النزاع هو 3600000 جنيه + 5393699 جنيه أي مبلغ 8993699 جنيه وقد ورد في طلب التحكيم ما يفيد أن المشتري قد شرع في تنفيذ التزامه في المدة من 1/5/1997 حتى نهاية 1997 مما ترتب عليه استحقاق المحتكمين لباقي ثمن الصفقة – وكان المستفاد من ذلك أنهم قد تسلموا فعلاً بضاعة تخصم نصف قيمتها من الثمن، وكان المحتكمون لم يحددوا قيمة ما تم سداده من الثمن خاصاً بهذه الصفقة إلا إنهم طلبوا إلزام خصهم بمبلغ 6500000 جم بما يفيد أن ما تم سداده مبلغ 2493699، ويخصم هذا المبلغ من ثمن الحصص يكون صافي المستحق 3600000جم -2493699جم = 1106301 جم مع مراعاة أن ما تم سداده كله قد تم خصمه من المستحق في ذمة المشتري من ثمن صفقة الحصص في شركة التوصية البسيطة دون المساهمة مما ينبغي معه مراعاة ذلك عند إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد نفاذاً لما قضى به من بطلان صفقة بيع الأسهم.

          وحيث أنه لذلك يتعين القضاء للمحتكمين بهذا المبلغ وعائده بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق الحأصل في 7/4/2001 لتعذ تحديد موعد محقق لتاريخ الاستحقاق سوى تاريخ تقديم طلب التحكيم وذلك عملاً بالمادة 64 من قانون التجارة والمادة 226 من القانون المدني مع إلزام المحتكم ضده بسدس المصاريف عملاً بالمادتين 184، 186 من قانون المرافعات.

          وحيث أنه عن طلب المحتكمين براءة ذمتهم من مبلغ 2500000 جم قيمة البضاعة التي تسلموها نفاذاً للعقدين فإن الأوراق قد خلت مما يفيد مطالبة المحتكم ضده للمحتكمين بشيء مما قد أداه وفاء للثمن والثابت من مطالعة المستندات المقدمة من الحاضر عن الشركة أن اعتراضه ينبني على عدم التزامه بأي التزام ناشيء عن هذين العقدين، وإذ كان ذلك ولم تكن الشركة طرفًا في أي منهما وذلك للأسباب المبينة فيما سبق، وكان النزاع في هذا الخصوص مردداً بينها أي بين الشركة كشخص معنوي له ذمة مالية قائمة بذاتها وبين الشريك المحتكم ضده وهي وشأنها معه في هذا الخصوص فإن طلب الحكم ببراءة الذمة لا يكون له محل متعيناً رفضه.


فلهذه الأسباب

حكمت هيئة التحكيم:

أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص الهيئة.

ثانياً: بإلزام المحتكم ضده (عن نفسه) بأن يؤدي إلى المحتكمين مبلغ 1106301 وعائده بواقع 5% من تاريخ 7/4/2001 حتى السداد ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزامه ب 6/1 (بسدس) المصاريف وإلزام المحتكمين بباقي المصاريف.